ننتظر تسجيلك هـنـا

 

 

 


الإهداءات



إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 10-28-2015, 01:48 PM
:: الإدارة ::
ضى القمر غير متواجد حالياً
Egypt     Female
SMS ~ [ + ]




لوني المفضل Crimson
 رقم العضوية : 4
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 فترة الأقامة : 4711 يوم
 أخر زيارة : 12-25-2021 (02:59 AM)
 المشاركات : 41,480 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي مكابدة الفكر



إن الجميع يفتش اليوم باحثًا عن وصْفات ناجعة وخُطط فاعلة تقوم عليها المعمورةُ في المستقبل.
ونحن -بدورنا- سنضرب بريشتنا على أوتار قلوبنا مرة أخرى لنبعث بأنّاتنا المثقَلة بالهموم،
المؤرَّقة بالآلام، منبّهين إلى "مكابدة الفكر". ولا أدري هل سيكون لهذا التنبيه تأثير في القلوب الخالية من الهمّ،
:
أو الرؤوس التي لم تُعانِ صداع الفكر
وضرباته المتوالية قط، أو النفوس التي ألِفت الراحة واستكانت إلى الاسترخاء..
لكن مع ذلك نقول إن سعادة إنساننا الحقيقية، لن تتأتّى إلا إذا سلّم نفسه إلى رؤى مشرقة وأفكار نيّرة تنبثق من
"قلوب متصدّعة" نضجت بنار الفكر ومكابداته.
:
تلك القلوبُ تشدّ الرّحال -مثل النحل- إلى أرجاء الأرض كلها، وتقيم عروشًا على أوراق الأزهار التي تلتقيها،
وتهمس في آذانها بسرّ التحول إلى عسل خالص. وهي في مهمتها تلك تحبو على الأرض حينًا، وتحلّق في الأعالي حينًا آخر، يرافقها ألم عميق لا يَبرح صدرها، وصداع شديد يهز رأسها.. تَمضي أسابيعُ لا تذوق فيها طعم النوم، وشهورٌ لا تعرف فيها معنى الراحة، وأعوام لا تجد فيها فرصة للاسترخاء.. وهكذا تذهب أيامُ العمر وسِنُو الحياة بسرعة الريح واحدة تلو الأخرى، لكنها لا تنتبه إليها لاستغراقها في القيام بمهمتها. فهي دائمًا -على نهج جلال الدين الرومي- مثل "الفرجار"؛ جزءٌ منها مع "الخلق"، وجزء آخر مع "الحق" سبحانه. تمتلئ بالدهشة إزاء آثار الخالق وبدائعه التي يفرشها أمامنا كل حين، وتفيض بالانبهار مرة بعد أخرى، وتخرّ بين يديه سبحانه ساجدة خاشعة.. ثم تعود إلى "الخلق" بهذه المعاني الروحية السامية التي ذاقت حلاوتها وظلّت تنهل منها حتى ارتوت، لتحلّق مشحونة بشعور عميق بالمسؤولية.
:
إننا بفضل جيش القدسيّين هؤلاء حين يحرّكون "مكّوك الفكر"
في اليوم بين الأرض والسماء مرارًا، مضيفين إلى أطلس قلوبهم في كل مرة ألوانًا قشيبة وأبعادًا جديدة..
بفضل هؤلاء نطهّر عقولَنا من الأفكار العفِنة التي عشعشت فيها،
وننقّي قلوبنا من الطحالب التي غشيتها ونتذكر "إنسانيتنا" من جديد.
إن سعداء "حضرة الحق" هؤلاء، نوافذهم وأبوابهم مشرَعة على مصاريعها إزاء آفاق الغيب اللانهائية متفاعلين معها.. يُصغُون إلى الطير في تغريده، ويئنّون مع الشجر في تسبيحه، يناجون النجوم في صفحة السماء، ويتبادلون الهموم مع البحار، ينصتون إلى النسائم في هبوبها، والأمطار في تهاطل قطراتها، والطيور في رفرفة أجنحتها،
والأشجار في تساقط أوراقها.. فيجدونها تحمل إليهم رسائل من الحق -سبحانه وتعالى-،
فيسرعون إلى مناجاته بلسان قلوبهم، ويهتفون بملء فيهم: "هذا هو الطريق"، ويركضون فيه ركض جواد أصيل جرى مع فارسه المقدام حتى انبهرت أنفاسُه.
:
أولئك الذين بلغوا منزلة "السعداء" لدى "الحق" -سبحانه وتعالى-، حمّالون لدى "الخلق" يتطوعون لحمل الهموم عنهم، وأطبّاءُ رحماء يعيشون آلام الأمة في قرارة نفوسهم، ورموز للتسليم إلى الله سبحانه..
رموز يكتشفون اللذةَ في الألم، والسعادةَ في المكابدة.
:
أجل، إن كل شيء في هذا الكون الفسيح الذي يعجز العقل عن تصور بدايته ونهايته،
من وميض البرق إلى هزيم الرعد، ومن لألاء الشمس بأبهى الألوان إلى رقة النسيم ونعومته.. إن كل شيء يلفّ أفكارَهم بأذرعه النورانية المشرقة، فيغدو الربيعُ بأزهاره العطرة، والصيفُ بفواكهه اليانعة "موائدَ فكرية" بين أيديهم.
فيرون فيما تأمّلوه فأدركوا حقيقته، وفيما ذاقوه فعرفوا جوهره أثارًا وملامح من "سلطان الجمال"،
ويرتعشون بهمسات منه سبحانه. ففي أفق فكرهم الذي استحال عرفانًا بالله محضًا،
يشدو النظام السائد في كل مكان بلسانه الخاص أعذبَ المعاني، وتتعانق الأشعة مع شتى الألوان،
وتحوم الروح حول هذا الفضل حوم الفراش حول النور. ويأتي حينٌ تغدو فيه النجومُ ذراتِ غبار تحت أقدامهم،
ويصبح الغبار الذي تحت أقدامهم ذراتِ سُدُم نجمية(1).
:
وبفضل الجِنان التي أقاموها في قلوبهم المصطبِغة بالخلود ،لا تخمُد جذوة حماسهم ولا تنطفئ شعلة شوقهم،
ولا يتراجعون عن الدرب جرّاء ما يَلقون فيه من عناء.
ففي كل صباح ومع طلوع الشمس يشرقون علينا بأمل نديّ وشوق جديد،
ويُهدون قلوبنا معاني نادرة من عوالم الماوراء.
:
تترقب البشرية اليوم درب قافلة هؤلاء السعداء.. هؤلاء الذين أدركوا الحياة بكل جمالها.. وتمكنّوا من صياغة "حقيقة" ظلّوا يرعونها في أرواحهم بصبر كصبر المرجان، وهدوء كهدوئه حتى اختمرت.. وانطلقوا متّقدين شوقًا وحماسة لتلقيح بقاع الأرض كلها بهذه "الحقيقة".
:
هؤلاء الأخيار، في مسيرتهم السامية تلك، لا يقعون أسرى المقامات والمناصب،
ولا يسقطون في هوة الشهرة والمجد، بل يبقون رمزًا للصدق والأمانة والشعور بالمسؤولية والفكر القويم والعفة والاستغناء. لا يترددون في محاسبة النفس لدى أي تقصير متأوّهين نادمين، أما إذا كان الأمر متعلقًا بأخطاء الآخرين،
فإنهم يوسّعون دائرة المسامحة ويستخدمون حق العفو الممنوح لهم من الباري -سبحانه وتعالى- إلى أبعد مدى.
:
هؤلاء حُماة القضية حرّاسُ المبدأ لا الثروة، وحرّاسُ المبدأ لا المال، يُعلون الحقيقة فوق المنفعة،
ويؤثرون التواضع على التباهي الأجوف، ويرجّحون الرفق والحِلم والأناة على الشدة والغلظة والجفاء،
ويوظّفون طاقاتهم كلها للارتقاء إلى الحياة الحقيقية في ذوات أنفسهم أولاً، ثم على صعيد البشرية ثانيًا،
فيَكمُلون ويكمِّلون. ولا يتركون في أرواحهم مجالاً لكذب أو خداع،
ويفرّون من الأنانية والكبر فرارَهم من العقارب والأفاعي.
:
وإذ يسير هؤلاء الأطهار نحو غاياتهم السامية ورؤاهم المعقولة مرفوعي الهامات منتصبي القامات،
يعدّون كل مانع يعترض طريقَهم أو عقبة تقف قُبالتهم؛ وسائل تشدّ من عضدهم،
وأسبابًا تُحيلهم فولاذًا خالصًا.. أولئك لن يسقطوا في مهاوي الإحباط، ولن يجد الانكسار إلى قلوبهم سبيلاً.
:
ويوم يَبلغون منزلاً يَفنَون فيه نفسًا وأنانية.. هناك.. وفي تلك اللحظة..
ومن ذلك المنزل ذاته ستنطلق هتافات أجيال الغد مهلِّلة بقدوم الربيع.
:

 

الموضوع الأصلي : مكابدة الفكر     -||-     المصدر : منتديات حبة حب     -||-     الكاتب : ضى القمر



 توقيع :



رد مع اقتباس
قديم 10-28-2015, 02:07 PM   #2
نائب الاداره


الصورة الرمزية معانى الورد
معانى الورد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7
 تاريخ التسجيل :  Jul 2011
 أخر زيارة : 12-10-2021 (09:57 PM)
 المشاركات : 38,198 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~










لوني المفضل : Fuchsia
افتراضي



كل الشكر لك على هاالطرح الأكثر من رائع
الله يعطيك العافيه لا عدمنا هالتمييز والابداع
بأنتظااار جديدك الجذاب والمميز
تقــــديري وآحتــرآمي لسموك


 
 توقيع :


رد مع اقتباس
قديم 10-28-2015, 11:32 PM   #3
الاداره


الصورة الرمزية fade
fade غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2827
 تاريخ التسجيل :  Nov 2012
 أخر زيارة : 01-26-2018 (06:12 AM)
 المشاركات : 36,614 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


لوني المفضل : Brown
افتراضي



يسلمو على طرحك القيم والرائع
بارك الله فيكى
وبنتظار جديدك القادم
تحياتى اليكى
فاادى


 
 توقيع :


رد مع اقتباس
قديم 11-02-2015, 01:39 PM   #4
نائب الاداره


الصورة الرمزية مصطفى منصور
مصطفى منصور غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3677
 تاريخ التسجيل :  Jan 2013
 أخر زيارة : 06-28-2019 (02:31 AM)
 المشاركات : 24,963 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
لوني المفضل : Blue
افتراضي



تسلم الأيادى والأنامل التى خطت
وسطرت هذاالطرح المتميز
تحياتى


 
 توقيع :
[


رد مع اقتباس
قديم 11-09-2015, 01:22 PM   #5
المشرفات


الصورة الرمزية عبير الورد
عبير الورد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2859
 تاريخ التسجيل :  Nov 2012
 أخر زيارة : 03-01-2018 (05:41 PM)
 المشاركات : 2,277 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Coral
افتراضي



يعطيك الف عافيه

ودي






 
 توقيع :


رد مع اقتباس
قديم 04-09-2016, 11:04 AM   #6
حبيب مميز


الصورة الرمزية همس الجوارح
همس الجوارح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 28403
 تاريخ التسجيل :  Apr 2016
 أخر زيارة : 01-30-2017 (07:32 AM)
 المشاركات : 845 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

ربي يسلمك ويسلم قلبك على روعة طرحك
رآآق لي جدآ موضوعك جزآك ربي كل خير عزيزتي

وجعل طرحك بميزآن حسنآتك يآرب
كوني دومآ بهدآ آلتميز وآكتر

مآننحرم من جديدك
ودآدي لك


 


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


Rss  Rss 2.0  Html  Xml  Sitemap 


الساعة الآن 07:26 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010