وتلك الأيام نداولها بين الناس

وتلك الأيام نداولها بين الناس

الأيامُ دِوَلٌ..

الأمسُ واليومُ والغدُ

يتعاقبُ عليها الناسُ جيلٌ بعد جيلٍ

تمرُ عبرَ سطورِ الزمن

تأتي لترحلَ

ترحلُ لتأتي مرةً أخرى بثوبٍ آخر

يمتطيها أُناسٌ آخرون

كما لو أنها أقلامٌ متعددةُ الألوانِ

كلُ قلمٍ ينتظرُ دورَهُ ليكتُبَ قصةَ حياةٍ مفصلةٍ أدوارها

على أبطالٍ لا يُتقِنُ تمثيلَها غيرُهم على مسرحِ الحياةِ

فإذا انتهت القصةُ

كان أفولُ شمسَ أبطالِها

ليواريْها الأمسُ عن الأنظارِ بميلادِ قصةٍ وأبطالٍ

فلن يكُن الغدُ بلا أمسٍ

ولن يكُن اليومُ بلا غدٍ

كلٌ يلدُ الآخرَ كلما حانَ ميلادُهُ

دامت السمواتُ والأرضُ..


قد يطولُ اليومُ

وربما نَمِلُّ طولَ قصتِهِ

وَنْمقُتُ أدوارَ ممثلِيه

ذلك لأن الغدَ ربما يمرُ بحالةِ مخاضٍ عسيرٍ

إلا أننا لا نغفلُ حقيقةً ثابتةً

وهي محالٌ يأخذَ اليومُ دورَ الغدِ

ومستحيلٌ أيضاً يستمرَ دورُ الأمس إلى اليومِ

فالأيامُ دِوَلٌ

وكلُ يومٍ لهُ قصتُهُ وناسُهُ

والأعمارُ مقدّرةٌ في كتابِ الأيامِ

فالتاريخُ يُعلمُنا

أن نجتهدَ في اختيارِ المعاني الأصيلةِ لصفحاتِ يومِنا

حتى لا تموتُ في جوفِ الغدِ

لتبقى أمسٍ حاضرٍ تُقرأ في كلِ زمانٍ ومكانٍ

فالتاريخُ يعيدُ نفسَهُ أحياناً لِتُشمت معانيه

وأحياناً نعيدُهُ لنستلهِمَ من مفرداتِهِ أحلا المعاني الجميلة

فهناك من ضاق الأمسُ ذرعاً بذكراهم عندما لم تكُن لقَصِصِهِمْ معنى يُذكر

وهناك من بقت أنفاسُ مآثِرهم تفوحُ عبيراً يَسْتَنْشِقُهُ اليومُ عُرفاناً

ولربما يقتبسُ الغدُ من ذكرى أرواحِهِمْ الخالدةِ ما يزهو بهِ الوجودُ

إن أراد الغدُ خلوداً في ذاكرةِ الأمسِ

فلا ننسى أن الأيامَ دِوَلٌ

وهي راحلةٌ والناسُ أيضاً راحلون

وتلك الأيامُ نداولها بين الناس....