ننتظر تسجيلك هـنـا

 

 

 


الإهداءات



 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-12-2013, 09:48 AM
المشرفات
سحر الشرق غير متواجد حالياً
Egypt     Female
SMS ~ [ + ]
لوني المفضل Brown
 رقم العضوية : 11084
 تاريخ التسجيل : May 2013
 فترة الأقامة : 4350 يوم
 أخر زيارة : 05-04-2019 (02:13 PM)
 الإقامة : بلاد الله
 المشاركات : 3,212 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الصدق مع الصغار



أبناؤنا يتعلمون الصدق حين نصدق معهم، وصدقنا معهم يدفعهم إلى الثقة بنا، والاطمئنان إلينا. لا تظنوا أن الصغار يميزون، بل هم يدركون إن كنا معهم صادقين، أو كاذبين.
حدثتني والدتي أنها اشتكت - وهي صغيرة - ألمًا دائمًا في بطنها، فلما فحصها الطبيب، وجد أنها تحتاج أن تصور صورة شعاعية؛ لتقصي سبب المغص، والألم. وكانت الصورة لا تتم إلا بعد أن يتناول المريض شربة من الملح الإنجليزي، ذي الطعم البشع، والرائحة الكريهة. فلما رأت أمي شكله، وشمت رائحته استبشعته ورفضت تناوله. حاولت جدتي إقناعها؛ بأن طعمه ليس كرائحته، ورغبتها في تذوقه، فما تذوقت بعضًا منه حتى ازدادت عزمًا وتصميمًا على ألا تشربه مهما حصل، فغضبت جدتي، وسعت إلى إجبارها على تناوله، وهي رافضة متمنعة، فلما أعياها الترهيب، لجأت إلى الترغيب، فراحت تحاول إقناعها مؤكدة أن هذا الدواء لذيذ الطعم، وهي لا تزداد؛ إلا عنادًا وتصميمًا.
سمع جدي (الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله -) الضجيج فجاء من غرفته مستطلعًا الأمر، فلما وقع على تفصيله، طلب من جدتي أن تترك الأمر له، ثم التفت إلى والدتي فقال لها: "يا بنيتي، سأكون صادقًا معك؛ لذلك لن أقول لك إن هذا الدواء ذو طعم لذيذ، إنه كريه، ولا يمكن شربه، بل إن طعمه لا يطاق، وقد احتجت يومًا لتناوله فلم أفعل؛ لشدة كراهته، وآثرت احتمال الألم على تجرع طعمه الكريه، ولكني آمل أن تكوني أشجع مني، وأقوى، وأمضى عزيمة، فتفعلي ما لم أقدر أنا عليه، ويتم لك الشفاء بإذن الله". قالت أمي: "عندما صدقني والدي شربته جرعة واحدة، وأنا سادة أنفي، مغمضة عيني؛ لشعوري بأنه مقدر لمعاناتي غير مستخف بآلامي.
إن الأطفال أذكى مما نتصور؛ فهم سرعان ما يكتشفوننا إن كذبنا عليهم، فيلجؤون إلى الأسلوب ذاته في تعاملهم معنا، فيكذبون هم علينا. والكذب من أبشع الطباع، ولكنه من أسهلها اكتسابًا، ومن أصعبها علاجًا، وكثيراً ما يلجأ إليه الأطفال للحصول على كسب، أو الهروب من عقاب. ونحن - رغم صدق أهلنا معنا، وصدقنا معهم - حاولنا اللجوء إلى الكذب (في بعض المرات) خوفًا من العقاب، فما تساهل جدي - أبدًا - في هذا الأمر، إلا أنه عالجه بالحكمة البالغة، فإذا شك أن أيًا من أحفاده كذب استدعاه فوعده، إن صدقه القول، ألا يعاقبه، فيفهم منه حقيقة المسألة، ثم يكتفي بتوجيهه، وتعليمه حتى لا يقع في الخطأ مرة ثانية. بهذا الأسلوب الجيد علّمنا قول الصدق، فما زلنا نصدقه، ونصدق أمهاتنا - آمنين من العقوبة، طامعين في العفو، جزاء الصدق حتى صار الصدق طبعًا من طباعنا، ثم صرنا - من بعد نصدق، ولو أيقنا بالعقاب.
وكبرت، فتزوجت، وصرت أمًا، ولم أنس هذا الدرس؛ فكنت أبحث - مع أبنائي - عن الجانب السلبي في أي أمر، فأعترف به بصدق، غير مواربة، ولا متهربة، ثم أعمد إلى الجانب الآخر الإيجابي فأغلبه عليه، وأستعين على الإقناع به؛ بالترغيب، والتشجيع، وأي أمر مهما كان صعبًا وسلبيًا لا يخلو من الإيجابية، والخير!

 

الموضوع الأصلي : الصدق مع الصغار     -||-     المصدر : منتديات حبة حب     -||-     الكاتب : سحر الشرق



 توقيع :
انثى من ضوء الشمس تضوى
كالنجوم حضورى شذى الورد
كالفراشات احلق فى السماء
اعشق الصمت ويستهو ينى الهدوء
هكذا اكون انثى عنوانى الغموض!!!!!!
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


Rss  Rss 2.0  Html  Xml  Sitemap 


الساعة الآن 12:03 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010