![]() |
#2 | |
حبيب مشارك
![]() ![]() |
![]()
جلالة السيّد [ غياب ] ..!
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] الغيابُ أحدُ الأمور ِ التي : تجعلكَ فارغاً من نفسك .. وتـُحيلكَ إلى " كانَ " وما رادفها ..! وفي آخر ِ ظهور ٍ لكَ يبدأ تلاشيكَ : كـ بخار ٍ صاعدٍ من طبق ٍ ساخن ..! أنتَ في آخر ِ ظهور ٍ لكَ تـُصبحُ شفافاً جداً .. أو ساخناً جداً لـ تتطايرَ كـ جزيئاتِ هواء .. الأسبابُ التي لا تجعلُ " الغيابَ " منطقياً : هوَ عدمُ إمكانيةِ إيجادكَ مرة ً أخرى .. أنتَ " لا موجودٌ " في وجودك ..! إذ ترحلُ عن مكان ٍ ما .. في حين ِ يبقى المكانُ مكانهُ دونَ حراك ..! والسؤالُ الذي يؤرّقني هوَ : لـ ماذا لا يكونُ " المكانُ " غائباً وأنا لا ..؟ ولـ الغيابِ طريقة ٌ في السيطرة .. إذ يكونُ مفاجئاً كـ حمى .. أو سريعاً كـ موت .. أو تدريجياً كـ ملل ..! ولهُ أيضاً طريقتهُ في الحياة : فـ أنْ تكونَ غائباً أمرٌ لا يضطركَ لـ أنْ تكونَ ميتاً ..! والغيابُ ذكيٌ في التعامل ِ معَ الآخرين .. فـ أنتَ تكونُ " غائباً " عن أحدٍ ما .. لكنكَ تكونُ " حاضراً " في جزئيةٍ يحتلها التفكير .. الغيابُ أكثرُ الأشياءِ جدلاً في التاريخ .. أكثرها فوضوية ً .. - هذا ما يقولهُ غالبُ الناس - في حين ِ أنهم مخطئونَ تماماً .. الغيابُ أكثرُ الأمور تنظيماً .. أكثرها التزاماً تجاهَ الآخرين .. الغيابُ وإن حضرنا " لا يغيب " ..! وأنتَ تنسى .. تلكَ فكرة ٌ أخرى عن الغياب .. النسيانُ أحدُ الأوهام ِ التي : تعتري الناسَ بينَ حين ٍ وآخر .. النسيانُ هوَ غيابٌ في الأصل .. أنْ تنسى ؛ هذا أمرٌ يعني أنّ شيئاً قد غابَ عنك .. وأنْ تـُنسى ؛ هذا يعني تغييبكَ قسراً أو سهواً ..! والنسيانُ أمرٌ يجعلُ الغيابَ " مقبولاً " .. فـ أنتَ تـُخبرُ امرأة ً أنكَ " نسيتَ " عيدَ ميلادها .. فـ تجعلُ الأمرَ مقبولاً إلى درجةٍ معقولة .. لكنكَ لا تـُخبرها بـ " غيابِ " الموعدِ عن بالك ..! فـ الغيابُ أحياناً جريمة .. والنسيانُ ذنبٌ يُمكنُ تخطـّيه ..! وهوَ أيضاً لعبة ٌ ذكية ٌ من السيّدِ " غياب " .. حينَ صارَ مكروهاً لدى الآخرين .. فـ هوَ الذي " لا يَغيبُ " مهما حاولنا .. فـ اخترعَ النسيانَ لـ " يَحضرَ " نيابة ً عنه ..! الغفلة ُ لا تـُعدّ نسياناً .. ولا تـُعدّ غياباً أيضاً .. الغفلة ُ هيَ : شعوركُ المتعطلُ عن الأشياء .. فـ أنتَ تغفلُ " مؤقتاً " عن أمر ٍ ما .. في حين ِ أنّ النسيانَ يأخذُ وقتاً أطول ..! والغفلة ُ أمرٌ مشروعٌ تماماً .. لـ وجودِ شيءٍ آخر ٍ " يُلهيك " ..! أما النسيانُ كفيلٌ بـ زيارتكَ حتى في هدوئك .. كفيلٌ بـ زيارتكَ على كرسيّكَ الفخم .. وعلى وسادتكَ الوثيرة .. لكنّ الغفلة َ تأتيكَ في خضمّ أمور ٍ كثيرةٍ لم تنسَها ..! والغفلة ُ لا تـُلزمكَ على الاعتذار .. فـ هيَ كـ الغفوةِ على مقعدِ تاكسي : كانَ يُـقِلّـُكَ من منزلكَ إلى العمل .. أو منَ العمل ِ إلى منزلك .. فـ تغفلُ عن توجيهِ السائق .. والذي بـ دورهِ قد " غفل " عن سؤالك : أينَ تقطنُ يا سيّدي ..؟ وهنا ؛ وفي لحظةٍ لا تشبهُ الغياب .. ولا تشبهُ النسيانَ أيضاً : يقفُ بكَ السائقُ عندَ حانةٍ قديمة .. " تـُذكّركَ " بـ موتِ صديقكَ قربها : حينما هَمّ بـ قطع الشارع .. في الوقتِ الذي كنتَ فيهِ " غائباً " عن المدينة . .ماجد |
|
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|