ننتظر تسجيلك هـنـا

 

 

 


الإهداءات


العودة   منتديات حـــبة حــب > هஐ¤ღ المنتدى العام ღ¤ஐه > ~ القسم العام لحبة حب ~

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 04-21-2013, 02:24 PM
نائب الاداره
معانى الورد غير متواجد حالياً
Egypt     Female
SMS ~ [ + ]










لوني المفضل Fuchsia
 رقم العضوية : 7
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 فترة الأقامة : 4680 يوم
 أخر زيارة : 12-10-2021 (09:57 PM)
 المشاركات : 38,198 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي عجائب الدنيا السبع



عجائب الدنيا السبع القديمة (3) : ضريح موسولوس
اياد العطار
على طول وعرض العالم تنتشر آلاف الأضرحة لأنبياء وملوك وشعراء ورجال دين ومشاهير، تميزت بعضها ‏بجمال عمارتها ولطيف صنعتها حتى أنها تخطف الأبصار لروعة زخارفها وتماثيلها ويحار الإنسان في أسرار ‏بنائها. ولأن القدماء لاحظوا منذ زمن بعيد مدى تعلق الناس بالأضرحة الفخمة والتخليد والتعظيم الذي يناله ‏المدفونين فيها، لذلك بالغ بعضهم في الإسراف على قبره أكثر مما أنفق على حياته ومتعه الدنيوية، والضريح ‏الذي شيدته إحدى الملكات ليضم رفات زوجها ورفاتها هو خير مثال على ذلك البذخ. ضريح عده القدماء من ‏عجائب الدنيا الخالدة رغم زوال بنيانه واندثار آثاره منذ قرون طويلة.‏
(التفاصيل)

على طول وعرض العالم تنتشر آلاف الأضرحة لأنبياء وملوك وشعراء ورجال دين ومشاهير، تميزت بعضها ‏بجمال عمارتها ولطيف صنعتها حتى أنها تخطف الأبصار لروعة زخارفها وتماثيلها ويحار الإنسان في أسرار ‏بنائها. ولأن القدماء لاحظوا منذ زمن بعيد مدى تعلق الناس بالأضرحة الفخمة والتخليد والتعظيم الذي يناله ‏المدفونين فيها، لذلك بالغ بعضهم في الإسراف على قبره أكثر مما أنفق على حياته ومتعه الدنيوية، والضريح ‏الذي شيدته إحدى الملكات ليضم رفات زوجها ورفاتها هو خير مثال على ذلك البذخ. ضريح عده القدماء من ‏عجائب الدنيا الخالدة رغم زوال بنيانه واندثار آثاره منذ قرون طويلة.‏

ضريح موسولوس في هاليكارناسوس
كانت حدود الإمبراطورية الفارسية الاخمينية في أوج عظمتها تمتد من مصر والأناضول غربا وحتى حدود الهند شرقا وكان الشاه الفارسي يدير هذه الإمبراطورية المترامية الأطراف عن طريق مجموعة من الملوك المحليين الذين كان يطلق عليهم لقب ساتراب (Satrap ) كانوا يحكمون ولاياتهم وأقاليمهم بأسم الشاه فيجمعون له الضرائب ويدافعون عن حدود إمبراطوريته ويحشدون الجيوش للمشاركة في الحملات العسكرية التي يشنها على الأمم الأخرى، وفي المقابل كان هؤلاء الملوك يحصلون على قدر لا بأس به من الاستقلالية في إدارة الأقاليم الخاضعة لهم، وبسبب العدد الكبير لهؤلاء الملوك والحكام المحليين أطلق القدماء على الشاه الفارسي لقب ملك الملوك. وبالطبع لم يكن الشاه يترك الحبل على الغارب ليفعل ملوك الولايات ما يشاءون بدون علمه، فقادة الجيش في جميع أنحاء الإمبراطورية كانوا يعينون من قبله ولا يأخذون الأوامر إلا منه، كما كان له عيون وجواسيس من الموظفين الكبار في بلاط الملك المحلي يرفعون إليه تقاريرهم مباشرة فيخبرونه فيها عن كل شاردة وواردة وعن كل أمر وفعل قام به الساتراب. ورغم أن هذا النظام الإداري لم يكن أمنا على الدوام لأن الملوك المحليين كانوا كثيرا ما يتمردون ويعلنون استقلالهم خاصة في أوقات ضعف الإمبراطورية، إلا إن جميع الدول منذ القدم وحتى يومنا هذا أخذت بهذا النظام وما وظيفة الولاة والحكام والمحافظين اليوم إلا تجسيد لفكرة الساتراب القديمة.

من بقايا الموسولوس في تركيا
كان حكام مملكة كاريا من الملوك التابعين للشاه الفارسي، كانت مملكتهم الصغيرة تقع إلى الجنوب الغربي من الأناضول –تركيا الحالية- وتتمتع بقدر كبير من الاستقلالية رغم خضوعها للشاه. في عام 377 ق م توج موسولوس ملكا على عرش كاريا خلفا لوالده الملك هيكاتومنيوس، كان الملك الجديد متزوجا طبقا للتقاليد من أخته (1) أرتميزيا وقد حكم الاثنان معا لمدة تناهز الأربعة والعشرين عاما شهدت مملكتهما خلالها ازدهارا كبيرا فتوسعت حدودها لتضم عددا من المدن والأراضي المجاورة. وعلى الرغم من ان حكام كاريا كانوا تابعين للفرس الذين كانوا بدورهم يناصبون الإغريق العداء، إلا إن الثنائي الملكي كانا في غاية الإعجاب والشغف بالثقافة والفنون الإغريقية التي كانت قد بلغت أوج عظمتها وازدهارها آنذاك، وقد انفق موسولوس وزوجته أمولا طائلة في تشييد الأبنية الفاخرة والصروح العظيمة ذات الطراز الإغريقي في عاصمتهم هاليكارناسوس مستعينين بخبرات أشهر وامهر المهندسين والمعماريين الإغريق الذين تم جلبهم من بلاد اليونان إلى مملكة كاريا.
في عام 353 ق م مات الملك موسولوس وأحرقت جثته طبقا للتقاليد وقد خلفه على العرش زوجته الملكة أرتميزيا التي كان حزنها وجزعها لموت زوجها كبيرا لدرجة أنها لم تعد تغادر قصرها ألا لماما ويقال أنها لشدة تعلقها بزوجها الراحل كانت تشرب كل صباح كأسا من الخمر ممزوجة بالقليل من رماد جثته لاعتقادها بأن هذه الطريقة ستؤدي لإتحاد جسده مع جسدها.
مملكة كاريا واجهت بعض التحديات بعد فترة قصيرة من موت ملكها موسولوس، فالملك الراحل كان قد قهر جزيرة رودوس الواقعة في بحر ايجة، والآن بعد أن سمع الرودوسيون خبر موته قرروا الانتقام لهزيمتهم السابقة فأرسلوا سفنهم الحربية نحو مملكة كاريا لاحتلالها وتدمير عاصمتها هاليكارناسوس. لكن حين تناهى خبر الحملة إلى الملكة ارتميزيا عمدت إلى حيلة ذكية فقامت بإخفاء سفنها الحربية عند الجهة الشرقية للمدينة وتركت السفن الرودوسية تدخل الميناء من دون أية مقاومة، وقد ظن الرودوسيون بأن الملكة الحزينة فرت مع جيشها لعدم قدرتها على مواجهتهم، لكن ظنونهم سرعان ما خابت حين باغتهم أسطول كاريا المختبئ على حين غرة وأحاط بهم من كل جهة فاضطروا للاستسلام من دون قتال كبير. الملكة ارتميزيا لم تكتف بالاستيلاء على سفن العدو بل قررت تلقين رودوس درسا لن تنساه فألبست جيشها ملابس الجنود الأسرى وأرسلته نحو جزيرة رودوس على متن السفن الأسيرة التي اعتقد سكان رودوس بأنها عادت إليهم مكللة بالنصر فلم يحتاطوا لقتال جيش كاريا المتنكر الذي أخذهم على حين غرة واسقط جزيرتهم بسهولة.
لتخليد ذكرى زوجها الراحل قررت الملكة ارتميزيا بناء ضريح فاخر ليكون مثواه الأخير ولتدفن هي ايضا فيه بعد موتها، ولهذه الغاية بذلت أموالا طائلة في جلب امهر النحاتين والفنانين الإغريق ليشيدوا لها تحفة معمارية يبقى ذكرها خالدا على مر العصور.
تم بناء الضريح على إحدى التلال المشرفة على العاصمة هاليكارناسوس، الجزء السفلي من البناء كان عبارة عن منصة عالية استعملت الحجارة في بنائها وطرزت جوانبها الخارجية بلوحات جميلة تمثل صور الآلهة، وعند كل ركن من الأركان الأربعة للمنصة تم نحت تمثال يصور حراسا محاربين. المنصة مثلت ثلثي ارتفاع الضريح البالغ 45 مترا وكان يرتفع منها باتجاه القبر سلم حجري تحفه اسود رخامية أبدع النحاتون في صنعها.
أعلى المنصة تقع غرفة رخامية مربعة هي القبر الذي يضم الرفات الملكية، ويحيط بهذه الغرفة ستة وثلاثون عمودا رخاميا موزعة على الجوانب الأربعة بالتساوي، وقد افرغ النحاتون والرسامون القدماء خلاصة فنهم في هذا الجزء من البناء فزينوا جدرانه الخارجية بلوحات بارعة الجمال لمخلوقات خرافية مثل القنطور والمينوتور والحوريات وكذلك لوحات تصور بعض حروب الإغريق الأسطورية مع جيش المحاربات الأمازونيات.
الجزء الأخير من الضريح كان عبارة عن سقف حجري ضخم يتخذ شكلا هرميا وينتصب على قمته تمثال رخامي لأربعة خيول تجر عربة يقودها الملك موسولوس وزوجته ارتميزيا.
في عام 351 ق م ماتت الملكة ارتميزيا، أي بعد سنتين فقط على موت زوجها، ومع ان الضريح لم يكن مكتملا عند موتها إلا أن رماد جثتها و جثة زوجها الراحل تم وضعهما داخل القبر الرخامي في مراسيم مهيبة ذبحت خلالها مئات الحيوانات كقرابين للآلهة. ويقال إن النحاتين والمعماريين استمروا في بناء الضريح حتى بعد موت الملكة ارتميزيا لأنهم اعتبروه تخليدا لهم ولمهارتهم وفنهم الراقي.
إن عظمة وروعة ضريح موسولوس تكمن في المنحوتات الرائعة التي طرزت جوانبه، ويقال أن هذه التماثيل والمجسمات البديعة التي صورت البشر والآلهة والحوريات والمخلوقات الخرافية تم نحتها بواسطة أزاميل أربعة من أشهر وأعظم نحاتي الإغريق في ذلك الزمان وقد قام كل منهم بنحت وزخرفة جانب واحد فقط من جوانب الضريح الأربعة فكانت نتيجة عملهم الراقي تحفة فنية استحقت أن تكون إحدى عجائب الدنيا القديمة.

بيت المعبد في واشنطن مستوحى من تصميم الموسولوس
ضريح موسولوس ظل منتصبا في مكانه لمدة ستة عشر قرنا، لم يهزه سقوط مملكة كاريا بيد الاسكندر الكبير عام 334 ق م ولا هجمات القراصنة عام 62 ق م. لكن ما دمر البناء في النهاية كان الهزات الأرضية المتكررة التي ضربت المنطقة خلال القرون الوسطى والتي قوضت أحجار المبنى أخيرا في القرن الخامس عشر الميلادي. وقد زاد من خراب الضريح استعمال أحجاره الضخمة في بناء قلعة وحصن ضخم لفرسان المعبد المسيحيين الذين استمروا في اقتلاع المزيد والمزيد من الأحجار مع كل هجمة يشنها الجيش العثماني عليهم حتى لم يتبقى من الضريح شيء.
فرسان المعبد اكتشفوا أثناء اقتلاعهم ونقلهم للأحجار غرفة سرية فيها توابيت ضخمة إلا أن محتوياتها تعرضت للسرقة لاحقا، ويعتقد المنقبين اليوم بأن تلك الغرفة كانت في الحقيقة غرفة القبر وأنها تعرضت لسرقة ونهب محتوياتها منذ زمن بعيد، ربما في أواخر القرن الثالث قبل الميلاد. ورغم أن فرسان المعبد كان لهم اليد الطولى في تدمير الضريح إلا أنهم ساهموا في نفس الوقت في الحفاظ على بعض اللوحات والمنحوتات لأنهم استخدموها في تزيين أجزاء من قلعتهم، وفي القرن التاسع عشر قام بعض المنقبين الانجليز باقتلاع وتهريب هذه اللوحات إلى بريطانيا حيث تعرض اليوم في المتحف البريطاني.
1- الزواج الملكي بين الأشقاء كان تقليدا تلتزم به العديد من السلالات الحاكمة في العالم القديم، ورغم إن هذا الأمر قد يبدو اليوم مثيرا للاشمئزاز في نظر البعض، إلا إن الغاية الحقيقية من هذا الزواج كانت تهدف إلى حماية ثروة العائلة وإبقاء التاج حكرا على أبناء السلالة الحاكمة. أضف إلى ذلك أن العلاقات الاجتماعية بين أفراد العائلات الملكية كانت تختلف بشكل كبير عن تلك الموجودة عند العائلات من عوام الناس، فالأشقاء الملكيون كانوا بالكاد يعرف احدهم الأخر لأن اغلب الملوك القدماء كانت لديهم العديد من الزوجات والخليلات لذلك فأن الأمراء المولودون عن علاقات الملك الجنسية المتعددة كانوا في الغالب غير أشقاء تتم تربيتهم في كنف أمهات مختلفات ويكون لهم مربين ومعلمين مختلفين. كما إن التقاليد والأعراف عموما تختلف من مكان وزمان إلى أخر ومن ثقافة إلى أخرى، فمثلا الزواج من ابنة العم يعتبر أمرا مرغوبا بشدة لدى العرب (خصوصا في البيئات العشائرية والقبلية) لكنه يعتبر أمر مرفوض تماما (ممنوع قانونا في بعض المناطق) في أوربا وأمريكا حيث تعتبر ابنة العم من المحارم عرفا، طبعا ذلك لا يمنع وجود أوربيين متزوجين من بنات عمهم أو خالهم لكن الأمر بصورة عامة غير مقبول وغير مرحب به اجتماعيا


عجائب الدنيا السبع القديمة (2) : منارة الإسكندرية
اياد العطار
وحيدة عصرها و فريدة دهرها , منارة عجيبة انتصبت لقرون تناطح السماء بقامتها الفارعة و ترسل أنوارها ‏المنعكسة عن مرآتها العجيبة نحو السفن الجانحة وسط البحر لترشد ملاحيها المضطربين إلى ساحل الأمن و ‏الأمان , كانت من العظمة و الشموخ بحيث نسجت حولها العديد من الأساطير فاستحقت عن جدارة أن تكون ‏إحدى عجائب الدنيا الخالدة , ذكرها المؤرخون القدماء فأشادوا بصلابتها ولطيف صنعها و أسهبوا في الحديث ‏عن أخبارها الطريفة و أحوالها العجيبة فصارت كالعنقاء كلما مر الدهر كلما تجدد ذكرها رغم اختفاء أثرها و ‏انطماس معالمها.‏
(التفاصيل)
عجائب الدنيا السبع القديمة (2) : منارة الإسكندرية

وحيدة عصرها و فريدة دهرها , منارة عجيبة انتصبت لقرون تناطح السماء بقامتها الفارعة و ترسل أنوارها ‏المنعكسة عن مرآتها العجيبة نحو السفن الجانحة وسط البحر لترشد ملاحيها المضطربين إلى ساحل الأمن و ‏الأمان , كانت من العظمة و الشموخ بحيث نسجت حولها العديد من الأساطير فاستحقت عن جدارة أن تكون ‏إحدى عجائب الدنيا الخالدة , ذكرها المؤرخون القدماء فأشادوا بصلابتها ولطيف صنعها و أسهبوا في الحديث ‏عن أخبارها الطريفة و أحوالها العجيبة فصارت كالعنقاء كلما مر الدهر كلما تجدد ذكرها رغم اختفاء أثرها و ‏انطماس معالمها.‏

لوحة تخيلية لما كانت عليه منارة الاسكندرية
في القرن الرابع قبل الميلاد أسس الاسكندر المقدوني إمبراطورية مترامية الأطراف ضمت اغلب بقاع العالم القديم , و لتخليد حروبه و انتصاراته شيد الفاتح الشاب قرابة العشرين مدينة , جميعها حملت اسمه , لكن بمرور الزمن اندثرت اغلب هذه المدن , أو خمل ذكرها فتحولت إلى بلدات صغيرة قلما تجذب الاهتمام إليها , و لم يشذ عن هذه القاعدة سوى مدينة واحدة , أنها الإسكندرية المصرية , التي تحولت إلى إحدى أعظم مدن العالم و أكثرها ازدهارا خلال العصر الهيليني.
بعد موت الاسكندر تنازع على حكم إمبراطوريته الواسعة قادة و جنرالات جيشه , و انتهى هذا لنزاع الدموي بتقسيم الإمبراطورية إلى أجزاء فكان أن أصبحت مصر من حصة بطليموس الأول مؤسس سلالة البطالسة التي حكمت البلاد لعدة قرون وعرفت الإسكندرية في عهدها ازدهارا كبيرا على جميع الأصعدة حتى غدت قبلة للقوافل و السفن التي أخذت تتوافد إليها من أفاق الأرض و أرجائها طلبا للتجارة و للعلم و المعرفة.
كان للمدينة ميناءان احدهما يطل على ضفاف النيل من اجل الملاحة الداخلية و الأخر على سواحل البحر الأبيض المتوسط كانت تقصده السفن القادمة من الممالك و البلاد الأخرى , و قد واجه النشاط الملاحي المتزايد في ميناء الإسكندرية مشكلة رئيسية , فالساحل المصري مسطح و مستوي إلى درجة كبيرة بحيث تكاد تنعدم فوقه أي علامة أو إشارة تنبه الملاحين إلى اقترابهم منه , و من هنا جاءت فكرة بناء منارة بحرية عالية تهدي السفن وترشدها إلى سواحل الأمان , ولأن الغرض من تشييد هذه المنارة استوجب أن تكون قريبة من ساحل البحر لذلك بحث معماريو ذلك الزمان عن بقعة ساحلية مثالية لمشروعهم و قد وجدوا ضالتهم في جزيرة صغيرة تدعى فاروس (Pharos ) يفصلها عن الساحل ممر بري.

منارة تنتصب فوق جزيرة فاروس
أوكل بطليموس الأول مهمة تصميم و تشييد المنارة إلى معماري إغريقي مشهور من أهل الأناضول يدعى سوستراتوس , وقد بدأت أعمال البناء عام 290 قبل الميلاد و استمرت لعشرين عاما , و خلال هذه الفترة مات بطليموس الأول فتولى حكم مصر بعده ابنه بطليموس الثاني , و لحسن الحظ كان الحاكم الجديد لا يقل حماسة عن والده من اجل إكمال المنارة التي استنزفت خلال عقدين من الزمن الكثير من الجهد و المال لكنها تمخضت في النهاية عن تحفة معمارية لا مثيل لها في العالم اجمع , ولا شك في أن زوار الإسكندرية في ذلك الزمان كانوا يفغرون أفواههم عجبا و دهشة لهذا البناء الغريب الذي تناطح قمته السحاب , لقد كان أول منار أو فنار يبنى في التاريخ وأطول الأبنية التي شيدها الإنسان القديم بعد الأهرامات , إذ بلغ ارتفاعه ما بين 115 – 130 متر أي ما يعادل عمارة من أربعين طابقا و هو ارتفاع شاهق حتى في مقاييس زماننا الحالي.
ما ان اكتمل البناء حتى حاز على إعجاب و استحسان الجميع , لكن مصممه المهندس سوستراتوس وقف عند قاعدته حزينا يتطلع إلى ما أنجزته يداه و قلبه يتقطع حسرات لأن الملك بطليموس منعه من أن ينقش اسمه على البناء , فقد جرت العادة في ذلك الزمان على كتابة اسم الملك فقط على الأبنية و الصروح العظيمة و ذلك تخليدا لذكراه وتمجيدا لانجازاته , لكن سوستراتوس العبقري توصل إلى حيلة ذكية لكي يخلد اسمه على تحفته المعمارية , إذ عمد إلى حفر العبارة التالية على إحدى الصخور الموضوعة عند قاعدة البناء :
"سوستراتوس ابن دسفينس , من مدينة كانيوس , كرس هذا البناء للآلهة المنقذة من اجل حماية ملاحي السفن التي تمخر عباب البحر"
ثم غطى هذه العبارة بلوحة من الملاط نقش عليها عبارة تمجد اسم الملك بطليموس الأول , لكن بمرور السنين تآكلت اللوحة الملاطية و اندثرت تماما بفعل عوامل التعرية فأصبحت.

برج هرقل في اسبانيا نسخة عن المنارة
معظم ما نعرفه اليوم عن المنارة يعود إلى بعض الرسوم المنقوشة على العملات القديمة و إلى بعض لوحات الفسيفساء الرومانية و كذلك إلى أبراج تعتبر نماذج مصغرة للمنارة , و أشهرها هو برج هرقل (Tower of Hercules ) على سواحل اسبانيا و الذي تم بناءه في القرن الثاني للميلاد و يبلغ ارتفاعه 55 مترا و يعتبره البعض نسخة مصغرة لمنارة الإسكندرية.
المصدر الثاني لما نعرفه عن البناء هو كتابات المؤرخين القدامى و خصوصا الرحالة العرب الذين مروا بالبناء في العصور الوسطى , فرغم أن معظم ما نقلوه لنا كان ممزوجا بالخيال و المبالغة , إلا انه يبقى احد أهم المصادر لأن من كتبها هم أشخاص شاهدوا المنارة بأعينهم قبل تهدمها و اندثارها التام. ومن هؤلاء المؤرخين و الرحالة المسعودي و المقريزي و ابن الأندلسي و الإدريسي و ابن جبير و ابن بطوطة و غيرهم.
تتفق جميع المصادر القديمة على أن البناء كان يتكون من أربع أجزاء رئيسية , القاعدة المربعة التي ينتصب فوقها البناء , ثم الجزء الأول من المنارة نفسها و هو بناء مربع الشكل يبلغ ارتفاعه حوالي 56 متر , يليه جزء أو طبقة أخرى مثمنة الأضلاع يبلغ ارتفاعها 28 مترا يعلوها منار دائري الشكل هو الجزء الأخير من البناء و يبلغ ارتفاعه قرابة الثمانية أمتار , و في أعلى نقطة من المنارة كان هناك تمثال برونزي يمثل احد الآلهة , ربما الإله بوسيدون اله البحر. و بجمع أطوال أجزاء المنارة المختلفة يكون طولها ككل مع احتساب ارتفاع القاعدة قرابة الـ 117 مترا. و يبدو أن المنارة كانت تحتوي داخلها على العديد من الغرف التي كانت تستخدم لإيواء القائمين على إدارتها. أما طريقة الصعود إلى أعلى المنارة فكانت تتم بواسطة سلالم على شكل منحدرات و ذلك كي تتمكن الحيوانات من ارتقاءها.
كانت المنارة من القوة و المتانة بحيث قاومت عوامل الطبيعة لخمسة عشر قرنا , و خير برهان على صلابتها هو مقاومتها لاثنين و عشرون هزة أرضية ضربت الإسكندرية خلال تلك القرون , وهذه الهزات كانت من القوة بحيث ذكرها المؤرخون في كتبهم لكنها لم تؤثر على المنارة و لم تزحزحها عن مكانها قيد أنملة و هذا دليل على مدى صلابة أحجارها و دقة رصها و وصلها إلى بعض , و في ذلك يقول الإدريسي :
" إن المنارة لا يماثلها شيء في قوة بنائها ونظامها ، فهي من أصلب الصخور صب بينها الرصاص المنصهر حتى إن حجارتها لا ينفصل بعضها ، ويصل الماء إليها من جهة الشمال ، وكانت ذات طبقات أربع كل منها أضيق قطرا من الطبقة التي أسفلها، وكان في الطبقة العليا مصباح مكشوف وبها مواضع للنار يهتدي بها ومرآه عجيبة"
طبعا الإدريسي حاله حال بقية المؤرخين المسلمين يتكلم عن الطبقة الرابعة من المنارة ومصباحها بصيغة الماضي و هو دليل على أن الجزء الأعلى للبناء كان قد ضاع و فقد وظيفته التي بني من اجلها منذ فترة طويلة , و هناك رواية ظريفة يرويها لنا بعض المؤرخين المسلمين حول ذلك هو ان :
" أحد ملوك الروم أرسل أحد أتباعه إلى الخليفة الاموي الوليد بن عبدالملك بن مروان «.. وجاء هذا التابع واستأمن الوليد وأخبره أن ملك الروم يريد قتله، ثم أنه يريد الإسلام على يد الوليد.. وبالطبع اقتنع الوليد وقربه من مجلسه وسمع نصائحه.. خاصة أن هذا الرجل قام باستخراج دفائن وكنوز عديدة من بلاد دمشق والشام وغيرها بكتب كانت معه فيها وصفات لاستخراج تلك الكنوز.. وقتها زاد طمع الوليد وشراهته حتى قال له الخادم يا أمير المؤمنين إن هاهنا أموالا وجواهر ودفائن للملوك مدفونة تحت منارة الاسكندرية وقد قام بدفنها الاسكندر بعد استيلائه عليها من شداد بن عاد وملوك مصر وبنى لها نفقا تحت الأرض به قناطر وسراديب وبنى فوق ذلك كله المنارة.. وكان طول المنارة وقتها ألف ذراع والمرآة الكبيرة في أعلاه.
فقام الوليد بإرسال جيش من جنوده وخلصائه ومعهم هذا الخادم الداهية وهدموا نصف المنارة من أعلاها وأزيلت المرآة.. فهاج الناس وقد علموا أنها مكيدة من الروم.. وبعد أن نفذ الخادم خطته قام بالهرب في البحر ليلا عن طريق مركب أعده لذلك من قبل."
وبعيدا عن هذه الرواية التي تبدو اقرب إلى الخيال , رغم أنها تعطينا فكرة عن أساليب الجاسوسية و المخابرات قديما , فأن الرأي الراجح هو أن قمة المنارة تهدمت نتيجة لعدم صيانتها و الإهمال الذي أصاب البناء ككل في العصور الوسطى. و هذا الخراب , خصوصا بالنسبة للطبقات العليا , جعل المؤرخين يطرحون آراء و تصورات مختلفة حول كيفية عمل المنارة , فالبعض يعتقد بأن مئات الحمير و حيوانات الحمل الأخرى كانت تنقل أطنانا من الخشب يوميا وعلى مدار الساعة إلى أعلى المنارة لكي يتم حرقها في المشعل العلوي او مواضع النار التي ذكرها الإدريسي و غيره من المؤرخين المسلمين , و هناك أيضا من يعتقد أن علماء الإسكندرية , و التي كانت منارا للعلم آنذاك , صمموا نظاما هايدروليكيا متطورا يعمل بمثابة المصعد ويقوم بنقل مواد الإشعال و الإنارة إلى الأعلى. و قد تحدث جميع المؤرخين أيضا عن مرآة سحرية عجيبة مثبتة على قمة المنار كانت ترسل أشعتها الذهبية لإرشاد السفن الصديقة إلى الساحل و أيضا لإحراق سفن الأعداء التي تروم مهاجمة الساحل المصري , و يبدو ان هذه المرآة تحطمت لسبب ما في القرن الثامن الميلادي و عجزت السلطات آنذاك عن وضع بديل لها , ربما لأنهم لم يعرفوا كيفية صنعها و آلية عملها. على العموم تبقى طريقة عمل المنارة لغزا تاريخيا يستعصي حله بسبب اندثار المنارة تماما و تبقى جميع الآراء في هذا المجال مجرد تخمينات لا يمكن اثباتها.

قلعة قايتباي يعتقد انها شيدت من احجار المنارة
في القرن الثالث عشر ظهرت صدوع خطيرة في جسم المنارة , وقد حاول السلطان صلاح الدين الأيوبي ترميم المنارة و إصلاح ما خرب منها في عام 1272م ميلادية , لكن يبدو ان حجم الخراب الذي كان قد أصاب البناء بمرور الزمن كان قد أوهنه بشدة و جعل أمر إصلاحه اقرب إلى المستحيل. لذلك تهدمت أجزاء كبيرة من المنارة في عام 1303م عندما ضربت هزة أرضية عنيفة الساحل الغربي للبحر الأبيض المتوسط , وكان الخراب النهائي على يد زلزال أخر ضرب المنطقة في عام 1323م فدمر ما تبقى من المنارة , و حين زارها ابن بطوطة بعد ذلك بعدة أعوام كان ذلك البناء الشامخ قد تحول إلى خرائب و أنقاض لا يمكن الدخول إليها. وفي عام 1480م اختفت آثار المنارة كليا عندما قام السلطان قايتباي ببناء القلعة المشهورة التي تعرف بأسمه و استخدم في تشييدها الأحجار المتناثرة حول خرائب المنارة.
اليوم لازالت هناك العديد من الكتل الصخرية الضخمة المتناثرة في قاع البحر بالقرب من المكان الذي كانت منارة الإسكندرية تنتصب عليه سابقا , و يعكف فريق من المنقبين و علماء الآثار على دراسة هذه الصخور أملا في العثور على نقوش أو كتائب تثبت أنها تعود للمنارة , لكن هناك من يعتقد أن هذه الصخور لا تمت بصلة للمنارة و أنها كانت تلقى في البحر من قبل السلاطين المماليك لصد هجمات السفن الصة التي حاولت غزو مصر أكثر من مرة.
منارة الإسكندرية كانت اخر ما بني من عجائب الدنيا السبع و اخر المتهدمين أيضا , طبعا باستثناء أهرامات الجيزة التي ستبقى عجيبة العجائب في الماضي و الحاضر و المستقبل









عجائب الدنيا السبع (القديمة) : تمثال هليوس في رودس
اياد العطار
عندما كان ملايين المسافرين و المهاجرين من جميع أنحاء العالم يبحرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية , كان ‏أول شيء يقابلهم على الساحل الأمريكي بعد رحلتهم البحرية الطويلة هو تمثال الحرية في نيويورك , لذلك تحول ‏هذا التمثال المعدني الضخم , الذي أهدته فرنسا إلى الأمة الأمريكية , إلى احد أشهر معالم أمريكا التي طبعت ‏صورته بالتدريج في أذهان الكثيرين حول العالم على انه احد أروع الانجازات المعمارية في العصر الحديث , ‏لكن ما لا يعلمه اغلب الناس هو إن هذا التمثال الضخم ما هو في الحقيقة إلا نسخة معدلة عن تمثال بنفس الحجم ‏كان يستقبل السفن القادمة إلى ميناء جزيرة رودس اليونانية قبل أكثر من ألفي عام , تمثال لم يكتب له أن ينتصب ‏في مكانه سوى لعقود قليلة , لكنه مع هذا , تحول إلى أسطورة تداولها الناس لقرون طويلة و استحق عن جدارة ‏أن يكون ضمن قائمة عجائب الدنيا السبع القديمة. ‏
(التفاصيل)
عجائب الدنيا السبع (القديمة) : تمثال هليوس في رودس

عندما كان ملايين المسافرين و المهاجرين من جميع أنحاء العالم يبحرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية , كان ‏أول شيء يقابلهم على الساحل الأمريكي بعد رحلتهم البحرية الطويلة هو تمثال الحرية في نيويورك , لذلك تحول ‏هذا التمثال المعدني الضخم , الذي أهدته فرنسا إلى الأمة الأمريكية , إلى احد أشهر معالم أمريكا التي طبعت ‏صورته بالتدريج في أذهان الكثيرين حول العالم على انه احد أروع الانجازات المعمارية في العصر الحديث , ‏لكن ما لا يعلمه اغلب الناس هو إن هذا التمثال الضخم ما هو في الحقيقة إلا نسخة معدلة عن تمثال بنفس الحجم ‏كان يستقبل السفن القادمة إلى ميناء جزيرة رودس اليونانية قبل أكثر من ألفي عام , تمثال لم يكتب له أن ينتصب ‏في مكانه سوى لعقود قليلة , لكنه مع هذا , تحول إلى أسطورة تداولها الناس لقرون طويلة و استحق عن جدارة ‏أن يكون ضمن قائمة عجائب الدنيا السبع القديمة. ‏

لوحة متخيلة لما كان عليه تمثال هليوس في رودس

في عام 323 ق.م لفظ الاسكندر المقدوني الكبير أخر أنفاسه في قصر نبوخذنصر في بابل بعد صراع مع الحمى استمر عشرة أيام , و قد كان هذا الموت المفاجئ لسيد العالم الشاب (33 عام) مقدمة لنزاع دموي عنيف ما لبث أن نشب بين قادة جيشه المقدوني لتقاسم أراضي الإمبراطورية المترامية الأطراف التي تركها الاسكندر خلفه بدون وريث (1) فأبنه الشرعي , الاسكندر الرابع , لم يرى النور إلا بعد وفاته بأشهر.
و بعد حروب طويلة استمرت لعقود تم تقاسم معظم أراضي الإمبراطورية بين ثلاثة رجال هم :
بطليموس الأول الذي حكم الجزء الغربي منها و أسس سلالة البطالسة في مصر.
سلوقس الأول الذي حكم الجزء الشرقي و أسس سلالة السلوقيين في بابل.
و انتيغونوس الأول الذي حكم الأجزاء الوسطى و أسس سلالة حكمت آسيا الصغرى و الشام.

صورة ملتقطة من الجو لجزيرة رودس
خلال الحروب التي نشبت بين هؤلاء القادة المتنازعين , اختار سكان جزيرة رودس اليونانية مساندة بطليموس الأول فأثار قرارهم هذا غضب و حنق انتيغونوس الذي قرر تجريد حملة عسكرية جرارة لتأديب و إخضاع سكان الجزيرة و أرسل لهذا الغرض ابنه ديمتريوس على رأس أسطول بحري ضخم حمل معه جيشا عرمرما مؤلفا من أربعين ألف محارب , أي ما يفوق عدد سكان الجزيرة أنفسهم آنذاك , و قد نزلت هذه القوات على سواحل الجزيرة عام 305 ق.م فسيطرت على الفور على مدنها و قراها الصغيرة ثم ضربت حصارا شديدا على العاصمة رودس (2) الرابضة على الساحل الشرقي للجزيرة و المحاطة من كل جانب بأسوار عالية منيعة كانت في ذلك الزمان هي خط الدفاع الرئيسي خلال الحصارات العسكرية و حروب المدن. و لغرض تسلق و عبور أسوار المدينة الشاهقة الارتفاع , قام مهندسي جيش ديمتريوس ببناء برج حصار حربي ضخم نصبوه فوق ستة سفن حربية من اجل مباغتة المدينة المحاصرة من جهة البحر , إلا إن هذه الخطة باءت بالفشل الذريع بسبب عاصفة هوجاء هبت فجأة فحطمت البرج و أغرقت السفن التي تحمله , لكن ذلك لم يفت في عضد ديمتريوس و سرعان ما شيد له مهندسو جيشه برجا عظيما آخر , مشابها لذلك الذي استعمله الاسكندر الكبير في اقتحام أسوار مدينة صور اللبنانية (3) , بلغ ارتفاعه 50 مترا و طول ضلع قاعدته 25 مترا , و كسوه بجلود الحيوانات لحماية الجنود المتمترسون داخله كما زودوه بخزانات مياه لإطفاء أي حريق يصيبه جراء السهام النارية التي يطلقها المدافعون من فوق أسوار المدينة , و على عكس البرج البحري السابق فأن البرج الجديد كان مصمما ليعمل على اليابسة لذلك ركبوا له عجلات معدنية ضخمة لكي يتم سحبه بواسطتها إلى الأسوار.

لوحة تظهر ابراج الحصار المستعملة قديما
حين اكتمل بناء البرج الجديد , بدا في عيون المدافعين عن المدينة كأنه وحش أسطوري مخيف يتهيأ للانقضاض عليهم و افتراسهم , و بدا ديمتريوس هذه المرة واثقا من هزيمة أسوار المدينة المنيعة و اجتيازها , و قد ارتسمت على شفتيه ابتسامة مغرورة و هو مزهو يراقب برجه الضخم يقترب رويدا رويدا من الأسوار , لكن تلك الابتسامة لم تلبث ان تلاشت حين توقف البرج فجأة على بعد مسافة قصيرة من السور و لم تفلح جميع الجهود في زحزحته من مكانه.
في الحقيقة لقد استهان ديمتريوس كثيرا في ذكاء و دهاء سكان رودس , فبينما كان هو يبني برجه الضخم كان هؤلاء يفكرون بوسيلة لإيقاف هذا البرج و قد توصلوا إلى الحل المتمثل في إغراق الأرض القريبة من السور بالمياه أثناء الليل حتى تحولت إلى ما يشبه المستنقع الموحل الذي سرعان ما غاصت فيه عجلات البرج المعدنية التي كانت تنوء تحت حملها الجبار.
بعد الفشل المتكرر لمحاولات اختراق أسوار المدينة المنيعة , دب اليأس و القنوط بالتدريج في قلب ديمتريوس و قادة جيشه ثم ما لبثوا ان ركبوا سفنهم و غادروا الجزيرة على وجه السرعة بعد أن تناهى إلى سمعهم بأن بطليموس الأول حاكم مصر أرسل قوة بحرية كبيرة من الإسكندرية لفك الحصار عن الجزيرة. و أثناء الفرار المستعجل لديمتريوس و جيشه تركوا ورائهم أطنانا من معدات و أدوات الحصار التي كانوا قد جلبوها معهم لفتح المدينة بواسطتها.
بعد فرار ديمتريوس و جيشه الجرار عمت الأفراح و الاحتفالات جزيرة رودس و قام السكان بتقديم الكثير من الأضاحي و القرابين تعبيرا عن شكرهم و امتنانهم لحامي مدينتهم الإله هليوس , اله الشمس لدى الإغريق , و قرروا بناء تمثال ضخم له باستعمال المواد التي خلفها جيش الغزاة وراءه , و قد كلفوا لهذا الغرض شخصا يدعى جاريز كان من أشهر نحاتي الإغريق و قد سبق له أن عمل مع أستاذه في بناء تمثال للإله زيوس في ايطاليا و الذي بلغ ارتفاعه 22 مترا.
في البداية قام العمال بإذابة أطنان من الأسلحة و المعدات المعدنية التي خلفها جيش ديمتريوس وراءه و قاموا بتحويلها إلى دعائم حديدية استعملت في صنع الهيكل الأساسي للتمثال ثم تم تشكيل الطبقة الخارجية من صفائح البرونز التي رفعت واحدة بعد الأخرى لتنصب في مكانها على الهيكل المعدني , و قد اختلف المؤرخون في الطريقة التي استخدمها النحات جاريز لرفع المواد إلى الأعلى , فالبعض زعم انه أمر عماله ببناء منحدر ترابي حول مكان البناء , في حين ذهب قسم آخر من المؤرخين إلى الاعتقاد بان جاريز استعمل برج الحصار الضخم الذي خلفه الغزاة ورائهم كسقالة للبناء و هو الرأي الأقرب إلى الواقع , و لاحظ عزيزي القارئ بأننا هنا نقول بناء و ليس نحت لأن التمثال لم ينحت من صخرة واحدة , فعلى الأغلب قام جاريز في البداية بنحت تمثال مصغر للإله هليوس لا يتجاوز ارتفاعه المتر و استعمله كنموذج لبناء التمثال الكبير الذي تكونت أجزاءه من طبقات برونزية صبت و شكلت على الأرض ثم رفعت لتوضع في مكانها المناسب على الهيكل المعدني الأساسي , أي إن داخل التمثال كان مجوفا و هي نفس الطريقة التي استعملها الفرنسيون في القرن التاسع عشر لبناء تمثال الحرية في نيويورك (4).
و أيا كانت الطريقة التي استعملها جاريز في بناء التمثال فقد نجحت في تشييد تمثال لم يوجد له مثيل في ذلك الزمان بلغ ارتفاعه ثلاثين مترا و ينتصب فوق منصة من الرخام الأبيض بارتفاع 18 مترا , أي إن الارتفاع الكلي للتمثال مع المنصة بلغ قرابة الخمسين متر و هو حجم ضخم جدا لتمثال حتى في قياسات اليوم المعمارية , و طبقا لما ذكره المؤرخ الروماني بليني فأن بناء التمثال استغرق 12 عاما. و هناك أسطورة تزعم أن النحات جاريز انتحر بعد إكماله البناء لأن شخصا ما نبهه إلى وجود عيب صغير في جسم التمثال مما اغضب جاريز بشدة و دفعه للانتحار , فيما تدعي أسطورة أخرى بأن جاريز انتحر لأن مجلس مدينة رودس طلب منه مضاعفة طول التمثال فوافق شريطة مضاعفة أجره دون أن يضع في حسابه بأن عليه مضاعفة المواد اللازمة للبناء و هي بآلاف الأطنان من المعدن الثمين , لذلك أفلس و دفعه ذلك للانتحار. بالطبع كل هذه أساطير لا يوجد أي دليل يثبت حقيقتها.

لوحة متخيلة لتمثال هليوس في رودس
ورغم إن أحدا لا يعلم , بشكل دقيق و مؤكد , كيف كان شكل التمثال و لا أين تم نصبه إلا إن الشواهد التاريخية المستقاة من كتب المؤرخين القدماء تصف التمثال بأنه كان على شكل مجسم للإله هليوس و هو متوج بإكليل الغار الإغريقي و يقف عاريا تماما سوى من عباءة أو رداء قصير يغطي كتفيه و يحمل طرفه بإحدى يديه فيما اليد الأخرى مرتفعة باتجاه قرص الشمس في السماء , و قد زعم بعض المؤرخين أن التمثال كان ينتصب فوق مدخل ميناء المدينة مرتكزا بقدميه على منصتين متقابلتين على جهتي المدخل و أن السفن الداخلة للميناء كانت تمر من بين قدميه , لكن علماء الآثار اليوم يستبعدون هذه الفرضية تماما لأن الإغريق برأيهم لم يكونوا ليجرؤوا على تصوير إلههم بهذه الوضعية الشاذة , فاتحا قدميه لتمر من تحته السفن! , كما أن بناء التمثال بهذه الصورة كان يستلزم إغلاق مدخل الميناء لمدة 12 عام و هو أمر مستبعد في مدينة ساحلية تعتمد كليا على البحر في حياتها , لذلك فالاعتقاد الأقرب إلى الواقع هو ان التمثال كان ينتصب على منصة واحدة.
ظل تمثال رودس منتصبا في مكانه لمدة ستة و خمسين عاما فقط , ففي عام 226 ق.م تعرضت جزيرة رودس إلى زلزال عنيف دمر أجزاء واسعة منها , و كان من ضمن الدمار تمثال الإله هليوس الذي تحطم إلى أجزاء ضخمة تبعثرت على الأرض حول المنصة التي كان ينتصب فوقها. و قد عرض بطليموس الثالث حاكم مصر على سكان الجزيرة أن يدفع لهم المبلغ اللازم لإعادة بناء التمثال إلا أنهم عدلوا عن هذه الفكرة بعد أن أخبرتهم عرافة الإله ابولو في دلفي , و التي كان الإغريق يجلون أقوالها و يؤمنون بتنبؤاتها , بأن بناء التمثال من الأساس ربما كانت فيه اهانة للإله و قد يكون هو السبب في غضب الإله و لذلك عاقب الجزيرة بالزلزال.
و لمدة ثمانية قرون تبعثر حطام تمثال رودس على الأرض مثيرا دهشة و إعجاب كل من رآه بسبب ضخامته و حسن تصميمه , و قد أتى على ذكره خلال تلك القرون العديد من المؤرخين الرومان و البيزنطيين الذين شاهدوا حطامه بأنفسهم.
في عام 654 م , أي في زمن الأمويين , احتل العرب رودس , و قد ذكر احد مؤرخي العصور الوسطى البيزنطيين , بأن العرب قاموا ببيع حطام التمثال إلى احد التجار اليهود الذي قام بتفكيك أجزاءه المعدنية و حملها معه على ظهر 900 جمل , و هكذا اختفى حطام للتمثال و ضاع أثره إلى الأبد , و هذه الرواية ذكرها المؤرخ البيزنطي بعد أكثر من قرن على احتلال العرب للجزيرة و لا يوجد أبدا ما يثبت صحتها إذ لم يذكرها غيره من مؤرخين الروم أو العرب , و علماء الآثار اليوم يرجحون بأن بقايا التمثال اختفت تماما قبل مدة طويلة من وصول العرب إلى رودس لأنها كانت تحوي على كميات كبيرة من المعدن الثمين كما أن بقايا التمثال لم تعد تحمل أي قدسية لدى السكان خاصة بعد تحولهم إلى المسيحية. على العموم , أيا كان مصير تمثال مدينة رودس و أيا كان السبب في اختفاءه فأن التاريخ خلد ذكره و أصبح جزءا من قائمة العجائب السبع القديمة الخالدة.
1- كان مصير عائلة الاسكندر الكبير مؤلما و مأساويا إذ لم ينلهم من امبراطوريته الواسعة سوى البؤس و الشقاء و أصبحوا بعد موته ألعوبة بيد قادة جيشه المتنازعين. فزوجته روكسانا الفارسية اصطحبت معها ابنها الصغير الاسكندر الرابع إلى مقدونيا ليصبح ملكا لعرشها تحت وصاية جدته اولمبيا (أم الاسكندر الكبير) التي دخلت في نزاع دموي مع كساندر الوصي على فيليب الثالث الأخ غير الشقيق للأسكندر و الذي كان معتل العقل و الصحة , و في عام 317 ق.م هزمت اولمبيا جيش كساندر و قامت بإعدام فيليب الثالث , لكن كساندر عاد في العام التالي و هزم اولمبيا ثم أعدمها و نصب نفسه وصيا على عرش مقدونيا , وفي عام 309 ق.م نادى الشعب المقدوني مطالبا بأن يتولى الاسكندر الرابع الحكم بعد بلوغه سن الثالثة عشر فكان رد فعل كساندر هو ان قام بقتل روكسانا و ابنها الاسكندر بالسم.
2 – عاصمة جزيرة رودس هي مدينة رودس , مثلما مدينة الكويت هي عاصمة دولة الكويت.
3 – حصار مدينة صور هو من أشهر الحصارات الحربية في العالم القديم , فمدينة صور القديمة كانت تتكون من جزأين , أحداهما على الساحل اللبناني و الآخر في جزيرة صغيرة محاطة بالأسوار المنيعة يفصلها البحر عن الساحل , و كان سكان صور الفينيقيين إذا أحسوا بالخطر انسحبوا من الجزء الساحلي و تحصنوا في الجزء البحري , و قد أعجزت هذه الحيلة أقوى جيوش العالم آنذاك , فوقفت جحافل الأشوريين و الفراعنة و البابليين تتطلع بحسرة و يأس لسنوات طويلة (نبوخذنصر حاصرها 13 سنة بدون فائدة) إلى أسوار المدينة العصية.


صورة قديمة ملتقطة من الجو لمدينة صور
و في عام 332 ق.م حاصرها الاسكندر الكبير لسبعة أشهر أثارت خلالها المدينة و سكانها حنقه و غضبه كما لم يفعل أي عدو آخر. ثم توصل الاسكندر إلى حيلة لم يسبقه إليها احد للتغلب على المدينة , فقد قرر عمل جسر بحري عن طريق ردم المسافة الفاصلة بين الساحل و الجزيرة بالصخور (هذا الطريق موجود حتى اليوم) , و بعد عدة أشهر من العمل الجبار اقترب الجسر البري لمسافة كافية من الجزيرة مكنت مهندسي الاسكندر من صنع برجين ضخمين ارتفاع كل منهما 50 مترا استخدمهما الجنود المقدونيون في تسلق أسوار المدينة و احتلالها , و قد فقد أهالي صور الشجعان ثمانية آلاف محارب في معركة شرسة و عنيفة دفاعا عن مدينتهم. و على العكس من بقية المدن المفتوحة التي عامل الاسكندر سكانها برحمة و احترام , فقد أمر بعد احتلاله لمدينة صور بقتل جميع الرجال و تم بيع جميع النساء و الأطفال كعبيد في أسواق النخاسة. لكن رغم هزيمة صور ونهاية سكانها المأساوية إلا أنها سجلت اسمها في التاريخ على أنها المدينة التي دوخت الاسكندر و قاومته بشجاعة لم تتحلى بها جحافل الفرس الاخمينيين المليونية التي دحرها الاسكندر بسهولة (طبعا لا ندعي بأن جميع المناطق سلمت للاسكندر بسهولة , فقد قاومته عدة مدن و أقاليم في الشام و إيران و السند بشجاعة , ففي حصار غزة مثلا كاد إن يفقد حياته بعد ان جرحه سهم مارق رماه المدافعون عن المدينة , لكنها ارداة الله التي شاءت ان يخضع العالم المعروف آنذاك بإمبراطورياته و حضاراته العظيمة لشاب غر يقود جيشا صغيرا من المقدونيين الذين كان الإغريق يستصغروهم و يعتبروهم اقل قدرا و شأنا منهم).
4 – تمثال الحرية هو هدية من الحكومة و الشعب الفرنسي إلى الشعب الأمريكي بمناسبة ذكرى استقلاله عن بريطانيا العظمى , تم افتتاحه عام 1886 في جزيرة الحرية عند مدخل خليج نيويورك. قام بتصميمه المهندس الفرنسي فردريك بارتولدي بطريقة مستوحاة مما ذكره المؤرخون عن بناء تمثال هليوس في جزيرة رودس , ففي البدء قاموا بصب و تشكيل الأجزاء الأساسية للتمثال من النحاس ثم نقلت إلى الولايات المتحدة لتنصب في مكانها على هيكل معدني ضخم , و اليوم هناك آلاف السياح يمتطون المصعد الموجود في جوف التمثال صاعدين به إلى التاج المعدني ذو النوافذ الموجود على رأس سيدة الحرية , وهناك أيضا سلم خاص يصعد داخل اليد اليمنى لسيدة الحرية وصولا إلى الشعلة الموجودة في أعلى نقطة من التمثال , و هذا السلم الخاص مغلق بوجه العموم منذ عام 1916 , إما مصعد رأس التمثال فقد أغلق بالتزامن مع هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 و لم يفتتح مرة أخرى إلا بعد ثلاث سنوات أي في عام 2004 , و لأن تمثال الحرية تعرض خلال تاريخه الطويل إلى عدة تهديدات إرهابية من منظمات مختلفة يسارية و أصولية متشددة , لذلك يخضع اليوم جميع الزوار الراغبين في الدخول اليه إلى تفتيش بدني دقيق.






 

الموضوع الأصلي : عجائب الدنيا السبع     -||-     المصدر : منتديات حبة حب     -||-     الكاتب : معانى الورد



 توقيع :

رد مع اقتباس
قديم 04-22-2013, 03:38 AM   #2
المشرفات


الصورة الرمزية عيون القلب
عيون القلب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6543
 تاريخ التسجيل :  Apr 2013
 أخر زيارة : 05-06-2014 (04:44 PM)
 المشاركات : 2,821 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Algeria
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkgreen
افتراضي



مبــدعه .. متـألـقه ..
متمكـنه من صناعـة الطرح بمهارة ..
مـودتي و تقـديري و احتـرامي ..
دمـتي بسعـادة و خيـر

ودى الكِ


 


رد مع اقتباس
قديم 04-22-2013, 02:30 PM   #3
نائب الاداره


الصورة الرمزية مصطفى منصور
مصطفى منصور غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3677
 تاريخ التسجيل :  Jan 2013
 أخر زيارة : 06-28-2019 (02:31 AM)
 المشاركات : 24,963 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
لوني المفضل : Blue
افتراضي



شكرا على هذاالطرح الجميل
والرائع كروعتك وسلمت الأيادى
تقديرى


 
 توقيع :
[


رد مع اقتباس
قديم 04-23-2013, 07:32 AM   #4
المشرفات


الصورة الرمزية غربة المشاعر
غربة المشاعر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  Jul 2011
 العمر : 31
 أخر زيارة : 01-04-2018 (04:20 PM)
 المشاركات : 2,098 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
لوني المفضل : Deeppink
افتراضي



موضوع قمة الروعه والجمال
أسعدني جداً قراءته
الله يعطيك العافيه



 
 توقيع :


مصرية العينين
والقلب والروح والهوى

وجمال الروح الشئ الوحيد الذي لا ينال منه الزمن
لا تسألني كيف اعشق صمتا فالحب لا يحلو بغير سكات
فان كانت الكلمات تحسب بالهوى فالصمت يخلق اعظم الكلمات



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


Rss  Rss 2.0  Html  Xml  Sitemap 


الساعة الآن 05:49 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010