هذا جناه أبي عليّ ………….وماجنيتعلى أحد هذه وصية الشاعر العظيم أبي العلاء المعري ؛ فقد أوصى أن يكتب هذا البيت على قبره ،تعبيراً عن سخطه على حياته التي عاشها كفيفاً، رغم إبداعه وعبقريته . وسؤالي الآن : متى يجني الآباء على أبنائهم ؟ ولماذا؟ سؤال طرحته على مجموعة من المراهقين والمراهقات ، وهذه بعض من إجاباتهم : يجني الآباء على الأبناء عندما : ـ ينجبون عدداً كبيراً من الأبناء وهم غير قادرين على تربيتهم كما يجب ماديّاً ومعنوياً
ـ يحرم الأبناء من حقوقهم الإنسانية كالعلم والترفيه والرعاية النفسية والتربوية الكاملة التي تساعدهم على تشكيل قناعاتهم ومبادئهم .
ـ يكون الابن معاقاً ولايهتم به الأهل ـ يهمل الآباء علاج الأبناء ،وبعض الأمراض تترك آثارها في أجسادهم . ـ يحمّل الآباء أبناءهم مسؤوليةالعمل والأسرة في سن مبكرة حتى ولو كانوا مضطرين لذلك . ـ يسود العنف جوّ الأسرة .
ـ يربي الأبناءَ آخرون غيرآبائهم كالخدم وغيرهم . ـ يلتفت أحد الأبوين أو كلاهما إلى حياته وعمله وشؤونهالخاصة ويبتعد عن أبنائه روحياً وسلوكياً وعقلياً ؛ فلا لقاء بينهم إلا ما ندر ،ولا يقدم لهم سوى المال ، وأحياناً لايقدم لهم شيئاً سوى النسب ، والأغرب من ذلك أن البعض يُحرمون هذا النسب . وغير ذلك من الأسباب المؤلمة ،علماً أنّ كل ما سبق لا يتعلق بالمستوى التعليمي للآباء ، فهذه الأسباب واردة لدىالآباء المتعلمين وغير المتعلمين . والنتيجة !! الضياع والانحراف والأمراض والاضطرابات النفسية التي ستظهر في الأبناء عاجلاً أم آجلاً ، كذلك فقدان الحب بين الآباء وأبنائهم وهي العاطفة والقيمة العظيمة المقدسة التي تجمع الأسرةالواحدة ، وتلك هي الطامة الكبرى .. أن تفقد الأسرةالحب بين أفرادها ! فما الرابط الذي يبقى ؟ وهل سيحل الكره بينهم ويقيم؟ ـ لقد لاحظت هذه الاضطرابات كلها لدى التلاميذ المراهقين من خلال مهنتي وعملي في التدريس سنوات طويلة ، ورأيت نماذج عديدة من السلوكيات الناتجة عن تأثرالمراهق بالبيئة التي يعيش فيها . ترى أحياناً اللامبالاة وفقدان الاحترام في العلاقة مع الآخرين كباراً وصغاراً . كذلك إهمال الدراسة والرسوب دون أي اهتمام للنتيجة ، وردة الفعل هي ابتسامة سخرية وحسب!!فمن المسؤول؟ أرى أن المسؤولية في تربية الطفل والمراهق مشتركة بين الأسرة والمدرسة ،والإعلام التربوي ، جميعهم يتحملون المسؤولية كاملة في تربية النشء وسقيه بالحب والأمان والقيم والعلم مع الغذاء الذي يحتاجونه منذ الطفولة الأولى . نلاحظ أن المراهق ذا الشخصيةالقوية ، الواثق من نفسه ، المنطقي في تفكيره وسلوكه وتصرفاته ينتمي إلى أسرة مترابطة ، ونجد الأبوين فيها يشرفان على تربية أبنائهم إشرافاً دقيقاً ، سواء في ذلك المتعلمين منهم والأميين . أمّا المدرسة وعلاقتها بالمتعلم فهي تتحمل مسؤولية كاملة في توجيهه منذ الطفولة إلى المراهقة والشباب بما تقدمه من مناهج علمية وتربوية صحيحة ومدروسة بعناية من النواحي التربوية كافةً . فالمعلمون المربون في المدارس لهم الدور الكبير في التأثير على النشء من حيث بناؤهم الفكري ومساعدتهم على تفسير الأمور واستيعابها والمشاركة في حل المشكلات وامتلاك المهارات والقدرات التحليلية ، وإعدادهم للتعايش مع التغير المتسارع لحياتنا من الناحية الاجتماعية والتقنية والسياسية والاقتصادية … الخ . وبقدر مايكون المربون المعلمون أكفاء بقدر ما ينتج عن العملية التعليميةالتربوية شباب مؤهل للحياة والمستقبل تأهيلاً سليماً . ولو وقفنا على دور الإعلام قليلاً لوجدنا أن وسائل الإعلام كافة تحتل مكانة متميزة في واقعنا المعاصر انطلاقاً من طبيعة وظائفها وأدوارها وتأثيرها في الفرد والمجتمع ، حيث إن عصرنا الحاضر هو عصر الإعلام ، ومما ضاعف من تأثير وسائل الإعلام تداخل وظائفها مع مؤسسات المجتمع ، وفي مقدمتها المؤسسات التعليميةالتربوية ذلك من خلال تأثيرها على الأطر المعرفية لأفراد المجتمع بما فيهم القائمين على العملية التعليمية . كما ارتبط السلوك الإنساني في هذا العصر في العديد من جوانبه بمفردات التعليم وتزايد اعتماد الأفراد على وسائل الإعلام في الحصول علىالمعارف والمعلومات اللازمة . وطلابنا اليوم لديهم سعة اطلاع ومعرفة كبيرة تلزم من حولهم من المربين أن يكونوا أكثر منهم علماً ومعرفة حتى يستطيعوا مسايرتهم وتوجيههم . فالتربية الإعلامية اليوم تلعب دوراً بارزاً في إكساب الطلاب الثقافة الاجتماعية وامتلاكهم مهارات النقد والتقويم والتحليل وحل المشكلات والربط بين الأشياء وبين المتغيرات ، كذلك فإن التربيةالإعلامية تساعد على تكوين نموذج القدوة الحسنة لدى الطلاب في المدرسة وامتلاكهم مهارات الخطابة والعرض والحوار وحسن تقدير الإنجازات ، والتحمل والصبر ، وتعزيزمفاهيم بالغة الأهمية لديهم . علماً أن التربية الإعلامية يمكن تقديمها بصور شتى ، وتستخدم فيها وسائط عديدة كالمعلمين والمناهج الدراسية ،والإذاعة والصحافة المدرسية ، والأنشطة اللاصفـِّية والمعارض والحفلات ، إلى جانب الفنون المدرسية على اختلافها . ذلك كله بغية إعداد الطالب ليكون عضواً فاعلاً في علاج مشكلات بيئته ومجتمعه ، وقادراً على تحقيق شروط المواطنة السليمة في تصرفاته وسلوكياته برمتها أخيراً : أيها الآباء ، أيهاالمربون فليصغِ ِ كلُّ منكم إلى أبنائه علّه يجد ضالته ، وعلّهم يجدون ضالتهم!.