الموضوع: طفولة مسحوقة
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-12-2012, 12:28 PM   #2
المشرفات


الصورة الرمزية مريان
مريان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 73
 تاريخ التسجيل :  Dec 2011
 أخر زيارة : 03-01-2018 (05:44 PM)
 المشاركات : 2,462 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



إنها الظهيرة وقت الذهاب إلى الشقة , جاء السائق بالسيارة الكبيرة فحمّلت الخادمات كل ما يلزم حمله , وتوجهوا إلى المكان المراد , قطعت السيارة الشوارع تخلّف ورائها أسراب البيوت والعماراات والتي شدّت إليها عيون أمينة وشيئا من فكرها , فبدت شاردة الذهن وكأنها تقول لحالها :

متى ملك هؤلاء القوم هذه البيوت الجميلة ؟ متى سكنوا هنا ومن أتى بهم إلى هنا ونحن هناك في قريتنا المنسية وكأننا في مقبرة الأحياء , أحسن بيوتنا من طين وجدرانها مهترئة , وأعشاش من سعف النخيل وأخرى من قصدير , ما هذا الفرق الواضح حتى للأعمى ؟ هكذا ارتسمت على محياها البريء أسئلة لم تجد لها أجوبة ..

- هيا انزلن يا بناات قد وصلنا بالسلاامة >> انتبهت أمينة على صوت السائق الجهوري وهو يفتح باب الحديقة ..

عادت لأسئلها : أهذه شقة كما أخبرونا ؟ إنها فيلا .. !!

أدخلن الحاجيات وركنّها في زاوية حتى يتفقدن الشقة للتعرف على كل الأماكن لبدء العمل الذي أتين من أجله .. وهكذا كان ..

في الليل كان كل شيء قد اكتمل , وكل الترتيبات تامة لأن المكان بعيد العهد بالتنظيف .. فقد أخذ منهن جهدا جهيدا ..

الساعة منتصف الليل وها قد وصل الشاب المتهور بسيارته الفخمة .. ركنها في الكراج ومشى بخطوات مسرعة نحو المدخل الصغير في اتجاه الداخل , نادى خديجة وطلب منها تجهيز الحمام , وسألها عن أمينة , قالت له أنها تتأهب للنوم بعد تعب مضني ..

قال بملامح حادة : ليس قبل ان تجهز لي الشاي وشيئا آكله .. ناديها ...

ذهبت خديجة مسرعة لأنها تعرف مدى عصبية هذا المخلوق العجيب , والذي لا يعرف قلبه الرحمة وكأن الناس عبيدا في خدمته ليلا ونهارا ..

دخلت الغرفة فوجدت أمينة في نوم عميق , أرادت إيقاضها فمنعتها أم ياسر قائلة :
اتركيها ترتاح وإذا أراد الشاي اعمليه أنت إنه ليس بالصعب ..

رجعت إليه خديجة وسألته : ماذا يريد مع الشاي كي أجهزه لأن أمينة نامت ..
صرخ في جهها كالمجنون : لا أريد منك زفت , قلت أمينة يعني أمينة .. ألا تفهمين .. ؟!

المسكينة صدمت الباب وكادت أن تقع أرضا وهي تركض عائدة لتوقض أمينة
قالت أم ياسر : أيقضيها فهو لا يريد شايا بل يريد أن نلبي أوامره لنرضي أنانيته وكأنه يملكنا ..

استيقضت المسكينة تجر جثتها كالميت وإلى المطبخ , جهزت الصينية بما فيها من شاي وبيسكوت ..

أخذته لغرفته , فتح الباب وقد لبس روب حرير مزركش ورائحة عطره زادت الفتاة إحساسا بالنوم ..
استقبلها بابتسامة غير معهودة من هذا النوع من البشر ..

وقال : ادخلي وضعي الصينية على الطاولة ..
دخلت وكأنها على رأسها الطير لا تفكر إلا في العودة بأقصى سرعة لكي ترمي بجسدها للراحة ..

فهمّت بالخروج , استوقفها وعلى جهه الكريه النوايا , ابتسامة ذئب قائلا : ألا تشربين معي الشاي ؟
رفعت عينيها الناعستين في بلادة وتفحصت ملامحه متسائلة وهي تلتفت يمنة ويسرة : هل تكلمني سيدي ؟

قال : نعم .. فلست معتادا على شرب الشاي بمفردي .. اجلسي ..

جلست على الكرسي في اطمئنان تنتظر متى يطفح هذا السم حتى تذهب لأن الغد ينتظرها بجحيمه من الأعمال ..

بدأ يرتشف بصوت مسموع وكأنه شفّاطة الصرف الصحي , وينظر إليها بتفحص وكأنه أول مرة يراها ..
تتابعه الهبلة >> بل المسكينة بعيون لا تعرف ما القصد من هذه النظراات ..

فخاطبها قائلا : أتدري يا أمينة كنت اليوم في السوق فتذكرتك فاشتريت لك قميصا جميلا ..
ومد يده لدرج الدولاب واخرج قميصا حريريا أحمرا وقنينة عطر .. وقدمهما لها ...

أخذتها وقالت :
شكرا سيدي ووضعتها إلى جانبها على الأريكة ...

تبسّم الماكر وقال :
أيمكنني أن اراها عليك ؟ فقوامك جميل جدا لا تجعليه رهين هذه الملابس البالية التي ترتدينها ..

ردت عليه بابتسامة وقالت : لكن يا سيدي هذا مكشوف جدا وانا لا أستطيع لبس هذا امامك كرجل ..

قال :
وهل أنا رجل ؟ وقهقه ضاحكا .. قالت نعم رجل وغريب أيضا وأمي ربتنا على أن نكون بلباس ساتر ..

قال لها اسمعي أيتها الملاك الجميل , أنت فتاة رائعة الجماال , ولن تبقين هكذا في خدمة البيوت حتى ينتهي بك الأمر عجوزا في خدمة الناس , أنت مكانك أن تكوني صاحبة بيت يليق بك , تأمرين وتنهين , ألا تتمنين هذا ؟

قالت : سيدي اتتكلم عني وعن حالي ؟ أنا لم تأتيني هذه الأفكار أبدا حتى في الأحلام ..
قال : بل عليكِ أن تفكري وتحلمي , بل أن تحققي كل هذا ..

قالت : وكيف ؟

عندها انتبه الماكر أن الفريسة في طريقها إلى الفخ ..
فتابع : أتثقين بي ؟
قالت : نعم
قال : إذن دعيني أجهزك كي تكوني في يوم ما من ستات البيوت الفارهة والقصور كقصرنا ..
قالت : وماذا ستفعل ؟
قال : أولا نبدا بالحمام , خذي هذا الثوب واذهبي للحمام واستحمي فعندك كل أنواع الصابون والعطور ..
والبسي هذا القميص وتعالي لأعلمك الباقي ..

وقفت أمينة في براءة وربما أنها بلاهة أو حسن نية شديدة , واتجهت نحو الحمام , دخلت فنفذت ما طُلب منها ..
وخرجت مرتدية الثوب وملتحفة بالفوطة الكبيرة كي تحاول ستر جسدها البارز الأنوثة من ذاك الثوب الأحمر ..

وقف الشيطان يتأملها ويقول لها : ما اجملك ما اروعك .. أزيحي هذه المنشفة .. أوووه .. !! ما دورها ؟
قالت : لا فإن هذا الثوب لا يسترني كما يجب ..
مد يده القذرتين وسحب منها الفوطة .. فاتسعت ابتسامته الماكرة ..
وأجلسها على حافة السرير وحضنها برفق , فوقفت في فزع وكأنها استدركت نواياه ..
قالت : سيدي أريد الذهاب لغرفتي وأسرعت نحو الباب , لكنه كان مقفلا بالمفتاح ..
إلتفتت نحوه وعلامات الرعب بادية على وجهها ..
قال : لن تخرجي من هنا ستنامين هنا وبرضاكِ وإلا سأسجنك فقد سرقتِ مني ساعتي الألماس ..
أدركت الفتاة الغرض فهطلت دموعها كالأمطار الغزيرة ...
فجثت على ركبتيها تتوسل إليه وتحاول إقناعه انها لم تسرق شيئا طوال حياتها ..
قال : بل سرقتِها وقد وجدتها بين أغراضك .. وكي لا أبلّغ عنك ستنامين هنا في غرفتي ..
قالت : حاضر سأنام
اتجهت نحو الزاوية على جزء من السجادة ووضعت نفسها في هيئة النوم ..
قال في خبث وإصرار وهدووء الثعالب : لااااا .. هنا على السرير وإلى جانبي ..

إلى هذه اللحظة لم تفهم الفتاة قصده المرير بالظبط ...
قامت إلى السرير تمسح دموعها .. وأتى هو إلى جانبها وحضنها وأحس وكأنها قطعة ثلج ..

يتبع


 
 توقيع :
جميل أن يخصك احدهم باشياء دون الآخرين ..
كلمة ، أو اسم ، أو فعل ، أو حتى اسلوب حديث ، أو اي شيء ..!
ليثبت لك شئ واحد ، أنك بالنسبة له .. مختلف




رد مع اقتباس