عرض مشاركة واحدة
قديم 01-22-2014, 04:53 PM   #60
:: الإدارة ::


ضى القمر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4
 تاريخ التسجيل :  Jul 2011
 أخر زيارة : 12-25-2021 (02:59 AM)
 المشاركات : 41,480 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
 SMS ~




لوني المفضل : Crimson
افتراضي




ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم

﴿وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَائِرِ صَحْبِهِ وَإِخْوَانِهِ.
وَبَعْدُ..
فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى َيقُولُ: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71].
لَقَدْ كَانَ تَأْلِيفُ الْقُلُوبِ بَابَ الإِسْلاَمِ إِلَى تَحْقِيقِ نِعْمَةِ الْوِحْدَةِ وَالأُخُوَّةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمِنْ ثَمَّ إِلَى تَحْقِيقِ التَّكَامُلِ وَالرُّشْدِ فِي الأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون[آل عمران:103]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال:62، 63
].
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ tقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «
إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاَثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاَثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ولا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ
».
إِنَّ وَحْدَةَ الْمُسْلِمِينَ رِبَاطٌ وَثِيقٌ؛ لاَ تَنْفَصِمُ عُرَاهُ وَلاَ تَنْفَكُّ عُقْدَتُهُ، قَامَ عَلَى مَبْدَأِ الدِّينِ وَالأَرْضِ، جَعَلَهُ اللهُ صَرْحًا شَامِخًا مُتَمَاسِكًا؛ لَنْ يُوهِنَهُ بَرْقُ الْمَعَاوِلِ، أَوْ يُهَدِّدَ أَوْصَالَهُ هُبُوبُ الأَعَاصِيرِ وَالرِّيَاحِ.
وَلَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي الْعُصُورِ الذَّهَبِيَّةِ الأُولَى إِخْوَةً مُتَحَابِّينَ، وَأوْلِيَاءَ مُجْتَمِعِينَ، لاَ يَنْزِعُ أَحَدُهُمْ يَدَهُ مِنْ يَدِ أَخِيهِ، أَوْ يُعْرِضُ عَنْهُ، أَوْ يَنْأَى بِجَانِبِهِ لِيَعِيشَ وَحْدَهُ دُونَ إِخْوَانِهِ؛ وَإِنْ خَالَفَهُ وَعَارَضَهُ فِي الرَّأْيِ وَالْعَمَلِ، بَلْ كَانُوا مِثَالاً لِلإِخَاءِ وَالْمَوَدَّةِ، وَلَوْ عَلَى حِسَابِ رَاحَتِهِ وَمُهْجَتِهِ، مُسْتَجِيبِينَ لِهَدْيِ سَيِّدِ الْخَلْقِ r إِذْ يَقُولُ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فَلاَنَتْ لَهُمُ الدُّنْيَا، يَجُوبُونَهَا نَشْرًا لِلْخَيْرِ وَالْقُوَّةِ وَالْحِكْمَةِ.
وَإِذَا كَانَ هَذَا وَاقِعَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَزْهَى عُصُورِهِمْ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي أَعْقَابِ الزَّمَنِ وَبِخَاصَّةٍ فِي زَمَانِنَا هَذَا؛ وَقَدْ تَتَالَتْ عَلَيْهِمُ الْفِتَنُ وَالْمِحَنُ، هُمْ فِي أَمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَى تَشْييدِ مُجْتَمَعَاتِهِمْ، وَبِنَاءِ صَرْحِ جَامِعَتِهِمْ؛ عَلَى الأَمْثِلَةِ الرَّفِيعَةِ الرَّشِيدَةِ الَّتِي ضَرَبَهَا السَّلَفُ فِي التَّمَاسُكِ وَالتَّضَامُنِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.
إِنَّ قَافِلَةَ الْخَيْرِ وَالْعَمَلِ فِي بَلَدِنَا الْحَبِيبِ يَجِبُ أَنْ تَسِيرَ قُدُماً إِلَى الأَمَامِ، وَتَرْقَى سَمَاءً إِلَى الْعَلْيَاءِ، لاَ تَقِفُ عِنْدَ حَدٍّ أَوْ فَرْدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ، وَلاَ تُضْعِفُهَا عَصَبِيَّةٌ أَوْ حِزْبِيَّةٌ مَقِيتَةٌ، بَلْ يَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُجْتَمَعِ نَفْسَهُ مَسْؤُولاً عَنِ الْخَلَلِ وَالْفَسَادِ، لأَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِجَمْعِ الْكَلِمَةِ، وَاتِّحَادِ الصَّفِّ، وَتَوْجِيهِ الُخُطَا.
لاَ بُدَّ لِلْعَامِلِينَ عَلَى رِعَايَةِ شُؤُونِ النَّاسِ وَمَصَالِحِهِمْ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ التَّنَازُعَ وَالاخْتِلافَ وَفَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ يُضْعِفُ الأَقْوِيَاءَ، وَيُهْلِكُ الضَّعَفَةَ وَالفُقَرَاءِ، بَيْنَمَا التَّعَاضُدُ وَالاتِّحَادُ وَإِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ يَصْنَعُ النَّصْرَ وَالْقُوَّةَ وَالتَّمْكِينَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿
وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46].
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: «
أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَهُوَ صَحِيحٌ
].
وَلَمْ يَقْرَأِ التَّارِيخَ أَحَدٌ إِلاَّ عَلِمَ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ سُقُوطِ الدُّوَلِ عَلَى اخْتِلاَفِ عَقَائِدِهَا وَمِلَلِهَا: التَّفَرُّقَ وَالاخْتِلاَفَ.
فَهَا هِيَ الْخِلاَفَةُ الْعَبَّاسِيَّةُ سَقَطَتْ بَعْدَ أَنْ تَفَرَّقَتْ دُوَلاً إِسْلاَمِيَّةً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَنَشَأَتِ الدَّوْلَةُ البُوَيْهِيَّةُ، وَالْمَمَالِيكُ، وَدُوَيْلاتُ الشَّامِ، فَلَمَّا زَحَفَ الْمَغُولُ إِلَى بَغْدَادَ لَمْ يَقِفْ فِي وَجْهِ زَحْفِهِمْ غَيْرُ أَهْلِ بَغْدَادَ فَقَطْ، فَأَعْمَلُوا فِيهِمُ الْقَتْلَ وَالنَّهْبَ وَالتَّشْرِيدَ.
وَسَقَطَتِ الدَّوْلَةُ الإِسْلاَمِيَّةُ فِي الأَنْدَلُسِ بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَتْ دُوَيْلاَتٍ مًتَفَرِّقَةً مُتَنَاحِرَةً، لاَ هَمَّ لَهُمْ سِوَى التَّنَاحُرِ وَالْمُبَارَزَةِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ فَوْقَ صَوْتِ الْخَصْمِ لاَ لِلْحُجَّةِ؛ بَلْ لِمُجَرَّدِ الرَّفْعِ وَحَسْب، وَحَالُهُمْ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

صَوْتُ الشُّعُوبِ مِنَ الزَّئِيرِ مُجَمَّعًا فَإِذَا تَفَرَّقَ كَانَ بَعْضَ نِبَاحِ

إِنَّ مَا ظَفَرَ بِهِ أَعْدَاءُ الأُمَّةِ مِنْ سَطْوٍ وَاسْتِيلاَءٍ لاَ يَرْجِعُ إِلَى خَصَائِصِ الْقُوَّةِ فِي أَنْفُسِهِمْ بَقَدْرِ مَا يَعُودُ إِلَى آثَارِ الْوَهْنِ فِي صُفُوفِ أَصْحَابِ الْحَقِّ، فَالْفُرْقَةُ تَجْعَلُ هَلاَكَ الأُمَّةِ بِيَدِ أَبْنَائِهَا؛ فِي حَرْبٍ بِلاَ مَعْرَكَةٍ، وَنَصْرٍ بِلاَ مُقَارَعَةِ عَدُوٍّ.
وَلِذَا؛ كَانَ الْوَاجِبُ مَعْرِفَةَ أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِن وُقُوعِ الْخِلاَفِ، وَلاَ مَفَرَّ مِنْ تَبَايُنِ الآرَاءِ، وَلَكِنَّ الَّذِي لاَ يَجُوزُ هُوَ اسْتِبَاحَةُ الأَعْرَاضِ، وَالنُّفْرَةُ الَّتِي تَقَعُ بَيْنَ الْمُتَخَالِفِينَ، فَلَيْسَ مِنَ الدِّينَ وَلاَ مِنَ الأُخُوَّةِ الإِيْمَانِيَّةِ الْقَائِمَةِ بَيْنَ أَبْنَاءِ الشَّعْبِ الْوَاحِدِ، أَنْ يَكُونَ مُجَرَّدُ الْخِلاَفِ سَبَبًا لِلْقَذْفِ وَالتَّحْرِيضِ وَالْعُنْفِ، بَلِ الْوَاجِبُ: إِسْدَاءُ النُّصْحِ لِكُلِّ أَحَدٍ؛ مَهْمَا كَانَ انْتِمَاؤُهُ أَوْ فِكْرُهُ أَوْ مَنْهَجُهُ.
فِإذَا فَعَلَ الْعُلَمَاءُ وَالدُّعَاةُ وَحَمَلَةُ الأَقْلاَمِ ذَلِكَ فَقَدَ قَامُوا بِوَاجِبِ النَّصِيحَةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ r: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ»[رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا، وَاجْمَعْ كَلِمَتَنَا عَلَى الْحَقِّ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ




 
 توقيع :
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس