ننتظر تسجيلك هـنـا

 

 

 


الإهداءات



إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 11-10-2012, 08:36 AM
\
مشرف قسم
Medo غير متواجد حالياً
Egypt     Male
لوني المفضل Darkmagenta
 رقم العضوية : 30
 تاريخ التسجيل : Sep 2011
 فترة الأقامة : 4633 يوم
 أخر زيارة : 03-01-2018 (05:21 PM)
 المشاركات : 3,985 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
تنقصني بيجاما .. !



هبط البرد على المدينة كاسحًا لا يرحمكفرق جيوش تتريه .. شاملا لا يفلت منه أحدكأنه رجز من السماء أو سخط من الله أو العذاب .. يتحسس مسامات الأشياء بخبث المرض العضال .. ويتغلغل فيها إلى عند الدم الحاركما ليذيقه برودة أجساد الموتى ..
وقف خارج الباب الرئيس للفندقمتلفعًا بمعطف طويلوحول عنقه شال قطني أحمر .. مع ذلك شعر بوخزات البرد في خلايا جسدهكسم العقارب حين يسري في العروق ..
هو كان يعذبه اثنان ; البرد وبؤس الإنسان .. كلاهما قد يجعله ينتحب سرًا كطفل صغير..!
هذه المساءات الموغلة في القسوةلا تصلح للخروج .. بل لا تصلح لشيء أصلا ماعدا الاسترخاء في السرير صحبة امرأة دافئة أو كتاب .. فإن تعذر هذان , فلمجرد نيل نصيب وافر من الكسل .. !
مع ذلكما كان ليفوّت مناسبة مثل هذه .. أمّا صديقهالمقيم هنا منذ سنينحتى تعوّد على برد مدن الشمالفقد زاده ليلة أمس ثباتًا ..
توقفت أمام الفندق سيارةجولفصغيرة ترجل منها صديقهاصطحبه وانطلقا ..
في الطريقوبلهجة هي مزيج من التأفف والأسف البالغقالعبد الإلهانه لن يستطيع البقاء , فقد داهم الطلق زوجته فجأةونقلها منذ قليل إلى مشفى قريب لتلد..
كانت أمسية شعرية رائعهصال خلالها ذلك الشاعر المبدع وجالحتى أدهش الجمع من الطلبة الذين يحملون جنسيات عربية مختلفهكانت القاعة قد غصت بهم حتى بابها..
شعر بمتعة لا تعادلها أخرى من جنسها .. فقد كانت نفسه تواقة ليلقى وجهًا لوجه ذلك العملاق الذي كوى الوطن روحه بالقهر والملاحقه , حتى ضاقت عليه كل الكيانات العربيةفشردته متنقلا بين المنافي .. مثل صعلوك .. تلفظه غربة لتحتضنه أخرى .. لا تعرفه غير مطارات السفر ومحطات الأحزان .. ومن هناك , بكلماته النابية وطريقة إلقائه التي تصيب القلب بذلك النوع اللذيذ من الجراح , صفـّى حساباته شعرًامع أنظمة القمع وحكومات الإضطهاد ..
رائع ذلك الشاعر بحق .. وبائس أيضًامثل جميع الشرفاء في الشرق ..!
ما كادت مجموعة أصدقاء عبدالإله تضع أقدامها خارج القاعة بعد العاشرة مساءً , حتى انبرتبثقة من أعد كلامه جيدًا سلفًالتقول : طيب يا جماعهلقد ترك عبدالإله سيارته لنهى ( أخت عبدالإله ) . سأرافقها لنوصل ضيفنا إلى فندقهومن هناك نواصل إلىا لمشفى لنطمئن على الوضع .
تلتبيانهامحدقة في قعر عينيه , كما لتستعطفه , أن يحسم الأمر قبل أن يثور حوله الجدل , فقال : حسنًا , أشكركم أيّها الأخوة . ستكون لنا لقاءات قادمة . هيابنا .
في المقعد الخلفي للسيارة كان يحدث نفسهمبتسمًا : كنت َأنت من يردد دائما أن النظرة الاولى خداع للبصروأن الحكم على الاشياء أو الاشخاص بمجرد شكلهم أو مظهرهم , كثيرا ما يوقع في الغلطفكيف لم تنتبه ؟
هو كان قد جالس هذه الفتاةمع حوالي عشرة أشخاص من أصدقاء عبدالالهفي المقصف , لأكثر من ساعة قبيل بدء الامسيه .. تفانى الجميع في الاحتفاء بهتمامًا كما أوصاهم عبدالاله .. أمطروه بأسئلة كثيره حول بلاده .. عن الارض والقرى وأحوال الناس .. وبروحه المرحه ونكاته المباشره , كان يقدم الإجابات التفصيلية عن كل ما سألوه .. خلال ذلك كلهلم يكن لتلك الفتاة حضور مميّز أو مشاركة لافته .. كانت عادية جدًا .. مستمعة غالبًا .. وهاهي تنكشف عن إمرأة قيادية , كنساء الخوارج ..
لم يمضِ غير وقت قليل حتى جاء صوتهاهادئًا هذه المرة , كجدول في الربيع .. رقيقًا كما في الحلم : أجزم أن ضيفنا لا ينوي أن ينام الآنفالليل ما زال في أوله .. أحسب أنه سيكون من الأنسب لو يمر أولا على المشفى ليطمئن على زوجة صديقه !
فهمأو تخيّل أنه فهمما ترمي إليه هذه المتحذلقةلكنه قرر هذه المرة , بقصد التسليةأن يشد أعصابها قليلا .. تقدم بجسده حتى صار رأسه بين كتفي الفتاتين تمامًا , ثم قال : ‘ ضيفنا؟ما أظنك إلا ستقولين عمّا قليلضيفي‘ ! يا بنت أنتِ لم تريني إلا من ساعتينومع ذلك ترسمين لي برنامج رحلتي ! لا.. لا.. ! إن كان على عبدالإله فسأهاتفه لاحقًا ! بكل حالسأراه في الصباح. أمّا زوجته فتلك امرأة تلد . أنا ما دخلي في النساء اللواتي تلدن ؟ ماذا أفعل عندها ؟ سأشد معها مثلا ؟ أم تراني سأساهم في سحب رأس الجنين؟!
انفجرتا في نوبة من الضحك حتى ترنحت بهم السيارة ذات اليمين وذات الشمال , فصرخ : أنزلنني هنا ! لا أحب أن يطالع الناس غدًا عناوين الصحف تقول : سائح من ……. وجد قتيلا , في حادث مروع , بين سيدتين !
تهللت أسارير عبدالإله لما رآهم .. احتضنه بحنان يقول : يا حرام . ستطلع روحه قبل أن يطل رأس جنينه ! يا أخي لا تقلق ! الولادة ليست حالة مرضية . الأصل أن تلد النساء في البيوت لا في المشافي .. ستكون زوجتك بخير . ثم أظنك المذنب في تعسر ولادتها ,’فشغلككان , كما يبدو , ‘عفشكه‘ !
ما أن توقفواعن الضحكوقد سرّوا بهذا الجو المرح , حتى قال : على فكره , انت لماذا اسمكعبدالإله‘ , وليسعبدالله؟أي إله بالضبط قصدت أمك وقت أن أسمتك؟!
أمضوا في المشفى مايقارب الساعه .. ولما أخبر الطاقم الطبي أن طلق المرأة بطيء وأنها لن تلد إلا بعد عدة ساعات قال عبدالإله , كمن شعر بالحرج : والله قد أتعبناك معنا. ليتك تذهب لترتاح. قال : صحيح والله ! يا ربي أنا ما علاقتي في كل ما يجري؟ أنتم تحبّلون النساء , وأشتغل أنا ناطورًا عندهن في المستشفيات ؟ يا ناس أنا جئت في رحله , لا لأشتغلداية‘ !!
تردد صدى ضحكاتهم في الارجاء حتى قالت نهى موجهة الحديث لأخيها : أقول لك ؟ صديقك هذا مدهش فعلا ! قال : مدهش ؟ على فكره , صاحبيأنا فتّانإياك أن تسلم سيارتك لأختك هذه مرةً أخرى ! لولا لطف الله لكانت هشمت وجهها , ولكنت أنا ربما أرقد هنا قريبا من زوجتك !
مشى عبد الإله وأخته معهما باتجاه الباب. هناك أوصياها أن توصله فندقه. استقلا سيارة أجرة وانطلقا..
عند باب الفندق , ولما هم بالنزول قال مجاملا : تفضلي !
لم تعلّق بشيء سوى انها ابتسمت .. كأن المسألة مفهومة ضمنًا ..! كأنه لم يكن مفترضًا أن ينزل هو فيما تواصل هيبذات السيارةإلى شقتهاأو إلى لايدري أين ..!
علق معطفها على المشجب .. مشت هي باتجاه النافذهمتوقفة للحظات عند الطاولة الصغيرهلتلقي نظرة على عناوين كتابين أو ثلاثه كانت عليها .. نظرت إلى الخارج .. كانت ما تزال تمطرلكن موجة البرد قد ضعفت كثيرًا . قالت , محاولة ألا يرى وجهها : لكن .. أقصد .. تنقصني بعض اللوازم الصغيرة .. وبيجاما !
قال : ماشاء الله ! أوَدعاكِ أحد للمبيت هنا..؟! يا بنتي هذا فندق سياحي لا ملجأ للمشردين .. ثم إن كنت ستنامين هنافما حاجتك لبيجاما ..؟!
قالت : لن أرد عليك .. ولكن تأكد أنني سأستعمل بيجامتك !
قال : عندي حل .. بل اثنان ! بيجامتي قطعتان . تلبسين واحده والبس أنا الأخرى , ما رأيك؟
قالت : والآخر ..؟
قال : أن تفعلي فعل جحا ! زار ذات مساء عائلة خالتهفأمطرت السماء بقوة , ولما عرضوا عليه المبيت عندهمبسبب الأمطار , قال : فكرة رائعه . أذهب إذن فأحضر بيجامتي وأعود !!
قالت : حسنًا , تعال أوصلني . سأذهب ..
أخرج من الخزانةبدلة تريننجاحتياطية كانت معهكوّرها ورماها بها , فاحتضنت البلوزه فيما سقط البنطال أرضًا . تمدد على السرير منهكًا وقال : عندك في الحمام كل ما تحتاجين إليه . لكن بشرفكلا تدلقي كل زجاجة عطري عليك , فليس معي غيرهاواتركي قليلا من الماء الساخن , فضيفك هو الآخر ينوي أن يستحم ….
كوّرت إحدى الوسائد وضربته بهامهددة : سترى بعد أن أخرج ..
أشعل سيجارة .. راح يدخنها .. متأملا حلقات الدخان التي ترتفع في فضاء الغرفةمتسائلا : ترى ولدت زوجة المسكين , أم لم تفعل بعد !

 

الموضوع الأصلي : تنقصني بيجاما .. !     -||-     المصدر : منتديات حبة حب     -||-     الكاتب : Medo



 توقيع :

الحب من الممكن أن يمسنا مرة واحدة
و يستمر من أجل باقي الحياة
دون أن يفارقنا حتى نموت

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


Rss  Rss 2.0  Html  Xml  Sitemap 


الساعة الآن 01:20 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010