ننتظر تسجيلك هـنـا

 

 

 


الإهداءات


العودة   منتديات حـــبة حــب > هஐ¤ღ المنتدى الادبى ღ¤ஐه > ~ منتدي القصص والحكآيات ~

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 11-10-2012, 08:33 AM
\
مشرف قسم
Medo غير متواجد حالياً
Egypt     Male
لوني المفضل Darkmagenta
 رقم العضوية : 30
 تاريخ التسجيل : Sep 2011
 فترة الأقامة : 4620 يوم
 أخر زيارة : 03-01-2018 (05:21 PM)
 المشاركات : 3,985 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي * مـهـمـة سـريـّه *



أحد العارفين ببواطن الأمور , أخ أو ابن عم , كان يحدث أنه ما زال برغم السنين , يذكر تلك الليلة بكل تفاصيلها. قال إنه بعد الدفن بقليل شاهد بنفسه نجمة هبطت قبيل الفجر , وانطفأت على الضريح .. بعدها انشق القبر , فحملت النجمة ُ الجنازة َ ومضت بها إلى بيتها ..
آخر من الآخَرَيْن اختلفت الرواية عنه . قيل إنه كان يزعم بأن الذي حدث بعد هبوط النجمة, هو أن الجنازة قامت من قبرها الملاصق لسياج حاكورة العائلة , بين شجيرة السماق والدالية , وكان عليها ثياب غير تلك التي دفنت فيها , ثم مشت غربًا , بمحاذاة صف شجرات الصنوبر , الى أن بلغت الصخرة الشاهقة , المطلة على السواحل الغربية .. هناك وقفت موليةً ظهرها للدنيا , تديم النظر في الأفق ..
وقتها بالضبط هبط طائر أخضر , حملها بين جناحيه وطار إلى أن غاب في أعالي السماء ..

جاوز باب المغارة خارجًا .. كان الليل قد تمكن من الكون , شاملا متكاملا , كأنه غطاء الجحيم .. السكون رهيب , كذاك الذي يعقب الانفجارات المدويه .. لا يقطعه غير الارتطام بالارض لقطرات الماء تسح من على أوراق الشجر , مثل أيام تنفلت , كما خفية ً , من شجرة العمر ..

كان نهار ذلك اليوم تعيسًا من بدايته .. صارت فجرًا ولكن الشمس لم تطلع .. وجه الكون أسود مثل وجه المصيبة .. والآفاق كالحة مثل وجوه الكفار في جهنم .. كانت السماء كأنها تشققت .. والغيوم كأنها تخرقت , فانصبت الأمطار تجلد ظهر الأرض بقسوة , كأنها تقيم عليها حدًا , أو كأن بين السماء والأرض ثأر ٌ قديم ..
بعيد العصر بقليل ظهرت على وجه الأرض برك ٌ معكوره من المياه .. كان المطر قد تلاشى رويدًا رويدًا كأنه جيش يغادر ساحة الحرب بعد أن انتصر ورواها بالدماء ..
في الأفق الغربي بقعة مثل آثار الحـنـّاء .. تحاول الشمس أن تمارس عادتها السرمدية في الاستعراض , إلا أن السحب تحول بينها وبين ذلك , مثل زوج غيور ..
عصفور صغير مذعور يطلق زعقة ً مرتجفة ً , كأنه يبحث عن رفيقه قبل أن يستبد الظلام ..

مشى بحذر ٍ وَجِلا باتجاه سياج الاسلاك الشائكة حتى كاد يلمسه.. من هناك بدت له أضواء مدينته على طول الساحل ..

كم هو عميق ٌ جرحه ..
كم هي متوحشة ٌ حسرته ..
كم هي قريبة .. ولكن ما أبعدها .. تلك المدينة التي يحفظ ما زال كل شوارعها وزقاقاتها .. المدينة التي أخرج منها في تلك النقطة من الزمن وقت أن تم الإعتداء على الله , وحقنت شرايين التاريخ بالسموم لتزويره ..
لقد مضى أكثر من نصف عمره , وحلمه بالعودة يزداد ضمورًا مع السنين ..
أحيانًا كثيره كاد القهر يقتله , وقت أن كان يتذكر هؤلاء الذين وعدوه بأن يعيدوه إلى مدينته , لكنه رآهم مع الأيام يتنكرون حتى لمدائنهم ..!
وضع رشاشه على الأرض برفق المحب ..عالج الاسلاك بأداة صغيرة , حتى شق فرجة مربعة في السياج .. قص محيط أضلاعها إلا السفلي .. أمسك بالقطعة المقصوصة وشدها نحوه مرتين أو ثلاث , حتى صارت أسلاك الضلع السفلي مرنة لينه .. أعادها إلى مكانها وربط أعلاها بسلك , لا بإحكام , .. أخذ رشاشه وبذات الحذر مشي إلى الوراء نحو المغارة ..
لا يعرف بالضبط كم انتظر إلى أن دنت من الواحدة بعد منتصف الليل , ولا كم مئة مرة اصطكت أسنانه من البرد. انتفض قلبه وقت أن صار عليه الشروع بالمهمة , لكنه لم يفكر لحظة في التراجع .. علق الرشاش على ظهره .. احتضن الكيس بكلتا يديه وعاود المشي نحو الجنوب .. كان الكيس ثقيلا جدًا , أو ربما كان خوفه هو ما جعله يشعر بثقل مضاعف للكيس .. غاصت قدماه في الوحل مرارًا .. وأخرى ترنح والكيس, يمنة ً ويسرة , إلى أن بلغ الفرجه .. هناك وقف ليلتقط أنفاسه .. أحس بملوحة العرق في زوايا فمه , وفجأة ظهرت أضواء سيارة تقترب من الغرب , على الشارع الترابي المحاذي للحدود..
أصابه الذهول وحالة من الدهش .. هي دورية عسكرية لحرس الحدود .. ولكن لم يكن هذا موعدها بحسب ملاحظاته .. لماذا يعانده القدر منذ ليلة الامس ؟!
هبط على الأرض قعودًا , ومن ثم دحرج نفسه والكيس مع المنحدر حتى استقر في الاسفل , بين جداديع البلان , الكيس فوقه ورشاشه من تحته..!
أحس بخدر شديد في عضلات جسمه , كأن الدماء توقفت عن السيلان في عروقه .. تملكه شعور هو خليط من الرعب والعجز والبرد .. صحيح أنه قد عايش الخطر كثيرًا فيما مضى , ولكن الوضع الآن مختلف جدًا..
ترى هل رأوه , أم أكتشفوا الفرجة فنصبوا له كمينًا ..؟ أيكون قد وشى به أحد ..؟ مستحيل !
إن كانوا قد اكتشفوه , أيتركهم يقتلونه هكذا مثل أرنب , دون أن يتمكن من استعمال سلاحه..؟

أزاح الكيس الرابض فوق صدره كالهمّ , ونهض واقفًا ..نظر لكنه لم ير َ شيئًا .. لا بد أن الدورية قد واصلت نحو الشرق ..
حمل الكيس , هذه المرة على ظهره , ليتمكن من صعود المرتقى .. لم يصل الحدود إلا وكانت قواه قد خارت تمامًا .. نظر إلى ساعته فكان العقرب الكبير يقف على الرقم 12 تمامًا .. هي ساعة الصفر إذن..
ظهر في أقصى عرض الشارع الحدودي ثلاثة ٌ ملثمون .. عالجوا جميعًا , هو من ناحيته وهم من جهتهم , الكيس حتى أنفذوه من الفرجه .. رفع الرجال سواعدهم يحيـّونه بصمت .. وبسرعة حملوا الكيس واسرعوا يجتازون الشارع جنوبًا ..

قعد على الوحل لفرط فرحته , متجاهلا الخطورة والدوريه .. غمره شعور دافىء من الرضا .. كيف لا , وقد أدى الامانة على أحسن ما يكون الاداء ..
تحسس رشاشه ثم انطلق لا يلوي على شيء باتجاه الشمال ..

أشعل سيجارة وراح يدخن بشهية كبيرة مسندًا ظهره إلى باب المغارة , ناظرًا إلى السماء.. كيف نسي أن الشهر في منتصفه ..! كان البدر يظهر تارة ويختفي أخرى وراء السحب ..
يا الله كم يشبه وجهه وجهها..

شعر بأنه محتاج لإغفاءة قصيرة , ولو لساعتين .. ! ولكن, من أين يأتيه, بعد الذي مر عليه, النوم ؟! ..

لقد كلفا ليلة أمس بمهمة سرية , عسيرة وحساسة على الحدود .. في مرحلة معينه فتحت عليهما النار.. ثلاث رصاصات لا غيرها .. لم يتمكنا من تحديد مصدرها .. كان من الواضح أنها طلقات عشوائيه .. يبدو أن الجهة الفاعله قد أحست شيئًا أو سمعت حركة , فاطلقت النار لتحدد الهدف , من خلال رده ..
لم يردا على النار , ولكن زحفا حتى ولجا المغارة .. هناك فقط أخبرته أن إحدى الرصاصات قد مزقت أحشاءها .. اكتشف أنها قد فقدت كمية كبيرة من الدم .. حاول أن يفعل شيئًا , لكنها بصوت واهن ضعيف قالت :
لا تفعل . لقد قضي الامر . أنا ميتة لا محاله .. حاول أن تحقق لي حلمي , ولو ميته .. احفظ الرقم الذي سأتلوه عليك .. هو رقم أخي , في الداخل .. اتصل به ولقنه خطة تسلمه بها جثتي .. أبلغه أن وصيتي له أن يدفنني في الحاكورة , عند شجيرة السماق .. هو سيعرف.
قالت ذلك واسلمت الروح .. ورأسها على صدره .. !


طلعت الشمس تتقافز حلوة فوق الروابي الشرقية , كالفراشة .. دافئة مثل عناق العشاق.. كأنها تقول له : إبدأ من جديد.. كلنا نبدأ من جديد ..

تحرك شمالا باتجاه القرية القريبة .. كان يعرف الكثيرين من أهلها ..
ولكن لم يكن له فيها أهل ..

التي كانت ستكون أهله , غادرت ليلة أمس , مجتازة ً الحدود نحو الجنوب , في كيس …..

 

الموضوع الأصلي : * مـهـمـة سـريـّه *     -||-     المصدر : منتديات حبة حب     -||-     الكاتب : Medo



 توقيع :

الحب من الممكن أن يمسنا مرة واحدة
و يستمر من أجل باقي الحياة
دون أن يفارقنا حتى نموت

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


Rss  Rss 2.0  Html  Xml  Sitemap 


الساعة الآن 06:31 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010