لا غنى للعباد عن التعبـــــد لله بهــــذه العبــــادة في شهر رمضــــان..

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


الصيام والتوحيـــــــــــــــــــــد



الحمد لله رب العالمين.. والصلاة والسلام على رسوله الأمين، أما بعـــــــــــــــــــــد:
علاقة الصيام كعبادة لله تعالى بالتوحيد لله رب العالمين علاقة وثيقة لا انفصام بينهما، فإن توحيد الله تعالى واجب على كل عبد، ومابعث الله نبيا ولا رسولا إلا لإقامة التوحيد في قلوب خلقه ومخلوقاته، كما قال تعالى مخبرا وشاهدا: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلَّا نُوحِي الَيْهِ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)} [الأنبياء]، وقــــــــــــــال تعالى: {شَهِدَاللَّهُ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)}
[آل عمران]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أن اُعْبُدُوااللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل]،
وقــــــــــــال كل رسول لأمته {اعْبُدُوااللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 59]، فإذا قام التوحيد في قلوب العبيد سهل عليهم تلقي الأوامر والنواهي. فقاموا بأمر الطاعة ميسرة عليهم طيبة بهانفوسهم، داعية ومذكرة بأصل الدين الذي هو توحيد الله تعالى بــــــــــــــــــالعبادة.

وأما توحيده بالربوبيـــــــــــة فقد أقرت له سائر مخلوقاته بالخلق والملك وحسن التدبير والقيومية عليهامع الفقر الشديد إليه وكمال غناه عن جميع مخلوقاته كما قال تعالى:{ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ الَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)}[فاطر]، فياله من إله حكيم عليم اتصف بصفات الكمال والجلال مع علوه بذاته على عرشه، فلم تكن ذاته مجردة عن الصفات العليا ولا الأسماء الحسنى ولكن على حد قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [الشورى].
فإذا علم ذلك وتبين فإن الصوم طاعة عظيمـــــــة تدل على عظم توحيد الله تعالى في هذه العبـــــــــــــادة،
فمن عظمهـــــــــــا إن الاسلام دين الله في الأرض بُني عليها فأركان الاسلام خمسة منها (صوم رمضان) ومن عظمها أن الله فرض صومه علينا، فقال تعــــــــــــــــــالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}.
ومن عظم هذه العبادة من أن الله كتبها وفرضها على الأمم السابقة ليتقربوا إلى الله تعالى بهـــــــــــــــا، فقال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُـــــــــــــــــــــمْ}.
ومن عظم هذه العبادة أنه لا غنى للعباد عن التعبد لله بها ولذلك استمرت فرضيتها على سائر الأمم،
ومن عظم هذه العبادة أنها سبيل لإدراك التقوى لله تعالى، لقوله تعالى عن الصيام: {َلعَلَّكُـــــــــــــمْ تَتَّقُونَ}، فهذه علته وسببه فبالتقوى والإيمان ندرك ولاية الله تعالى، كماأخبرسبحانه عن ذلك بقولـــــــــــــــه: {أَلَا إن أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَاهُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُـــــــــــونَ(63)} [يونس]،
ومن عظم هذه العبادة أن الله تعالى اختصها لنفسه دون سائر عمل ابن آدم، فقال تعــــــــالى في الحديث القدسي
«كل عمل بن آدم له الا الصوم فإنــــــــــــــــــــه لي«.
ومن عظم عبادة الصوم عندالله أنه أضاف الجزاء عليها لنفسه الكريمة، فقال تعــــــــــــالى في الحديث القدسي عن الصوم: (( لي وأنـــــــــــــــــــــا أجزي به «.
ومن عظم هذه العبادة أن الجزاء فيها غير محصور بعــــــــدد وذلك لعظم فضل الله تعالى وسعــــــــــــة عطائه والعطية بقدر معطيهــــــــــــــا،
ومن عظم هذه العبادة أنها جامعة لأنواع الصبر الثلاثة الواجبة على العبيد وهي: الصبر على طاعــــــــة الله، والصبر عن معصية الله بعدم الوقوع فيما يفسد الصوم والعبادة، والصبر على أقدار الله المؤلمة من الجوع والعطش، وقد قال الله تعالى: {إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم ْبِغَيْرِ حِسَابٍ}، وفضل هذه العبادة أنها سبب للإ يمان باليوم الآخر؛ حيث إن الصائم يحتسب ثواب الصوم يوم القيامــــــــــة وينتظر الفرحة الكبرى اليوم الآخر، فإن للصائم فرحتين فرحــــــــــة عند فطره وفرحة عند لقاء ربــــــــــه.


ولعبادة الصوم فوائد جمــــــــــــة على حال الانسان ومآله كثيرة عند التدبر. أشرنا لبعضها في مقالنا هذا لينظر كل عبد في بقية الفوائد مما يدل على توحيد الله في جميع العبادات التي هي دون هذه العبــــــــــــــادة.

جعلنا الله تعالى بمنه وكرمه ممن ينادى يوم القيامة للدخول من باب الريان الذي لا يدخله الا أهل الصوم إن ربي جواد كريـــــــــــــــــــــــم .والحمــــــــــــد لله رب العالمين.

 

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .