ننتظر تسجيلك هـنـا

 

 

 


الإهداءات



إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 11-15-2012, 05:17 PM
حبيب فضى
سوزى غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 72
 تاريخ التسجيل : Nov 2011
 فترة الأقامة : 4549 يوم
 أخر زيارة : 03-01-2018 (05:39 PM)
 المشاركات : 1,800 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي قوس أمام الماء




إلى انسان كان يحلم ان يدفن في صرفندأبي ،،
وقت مرّ .. أشعث و مكلل بدمع أخضر .
يموت ( محمد ) الجثمان ملقى في ساحة الدار يثقب هالة الصمت و طلاسم الوجع ، يمر الناس … يتفحصون أنعكاس الحكايا و الأحاديث لا تنتهي و على الشفاه سواد مسكون بفوضى المشاعر و كتل الهدير المسكونة بالدهشة و الهروب و البقاء و العويل ، يتساءلون ، متى الدفن ؟ لا أحد يجيب و تُطلق النسوة القليلات حشرجات آيات مقدسة معلقة بين الأرض و السماء وهن يحاولن امتصاص الدمع المالح و كأنه صوت حسون قطع جناحه الأيمن و فقئوا عينيه و بقي هائم بالفراغ و اللاجدوى…

موجع جداً فراغ المسافة بين قرية ( بيت دجن ) إلى ( صرفند)* المحسوبة بالزمن اللازم لاجتيازها كحبل الحزن الذي يربط بين الناس أمام الجثمان الآيل للانهيار و هم يبتلعون جمرات الرحيل القزمة، الأرض تضيق كالفراغ بين عظم الجسد ولا يدري أحد على وجه الدقة كم يستغرق اجتياز المسافة .. الكّل يخمّن … بدأت حساباتهم تأخذ شكل العبث و سكين مسننة لذاكرة متعبة تحتز الوقت، وصية محمد في لحظة حنين شاق أن يدفن في مقربة قريته و على فمه كان سيل من الكلمات الموجعة و لا شيء يعوض خسارته لقريته سوى أن يدفن فيها ، فترك قلبه على منضدة الانتظار..
ما أبشع عتبة الخذلان حين كان يسهر حتى آخر الليل ، يعد المسافة بالخطوة الى القرية و يعرج عشرات السموات ، يأخذ شيئاً و يشنق كتفه على صهوة جواده ، يعود بالصدر المبلل بغيم الأرض الطيبة ، لا يدري إن كان يسرق الوقت كضريح نبي أو الوقت يأكله كنخلة صفراء من الحزن البليد . زيتون القرية الذي يشكل ذاكرة لا تفرط بأسماء أحبته، حتى حجارتها و رمانها تترك عبق ياسمينة فضية في روحه، و تربتها التي كالشامة الزرقاء على كفه تشكل أرقاً يدفعه للمجازفة، و مسجد القرية المتهالك يدفعه للعودة.
كل مساء يودع بقايا أحلام الأمس على أمل أن يأتي حلمه الضائع كصهيل لمواسم الندى، كم من الأحلام شاهد وهي تغربل أنة هاربة من حنجرة غربة، و كم من الأرق يتبعها..
يرى نفسه مقتولاً عند ( مقام لقمان) و كم مرّة شاهد الجنود على بيادر القرية و لا تكسوها سنابل صباح جميل و في جوف روحه كانت تختنق الأغنيات و لا تورثه خيط المرمر المرتجى .
كم حدّث نفسه، لو أن ( أحمد ) و ( و مصطفى ) لم يغادرا، رحم الله أبي ، كيف حملته ساقاه ليموت هناك …
كانت أوجاع محمد تأكله من داخل جسده كزلزال ..

بدأ ينحني أمام أزمان ليست له و يرتجيها ماء للغفران و العودة. حتى الأمكنة التي ألفته وأحبها يسري لها ليلاً ، يضمد جراحاً لم يداوها زمن و كأنها حصلت للتو فتبتلت مشاعره و تصبح ندية..
ما كان يؤرقه وجه الأمكنة و صراخها أن لا يعود تجبر ماء قلبه على العويل و تجعله من الفاتحين لشهوة الأنين ، لا أحد يحُس بوجع الأرض ولا احد يغتسل بماء الرب عندما ساءت عورة الجرح، و لا أحد يسمع همس السنابل وهي تنادي كغواية امرأة الروح وهي تنكح الموت ذات خيبة، ولا يدري أحد كيف ينطق الأقحوان و تردد وجعه الذي لا ينتهي عدماً عبر قرحة النحيب خلف أذن الحجارة التي تهدي الخطة الساقطة عليها نعل الفرح و الحياة ..

كان محمد يسمع ولا يعي كيف يضمد الجراح كتب في وصيته أن ينقلوه إلى هناك فقد مات و مازال على القماش الأبيض يترنح و ينتظر أن تشفى جراح حلمه و أن تذهب الألم الغربة برفقة الريح الصرصر ..
هناك قريبا ً من تناغم لغة الأشجار و البلابل و الاقحوان ، هناك حيث الشتاء الذي انتحر عند أقدام الحيارى التائهون في عرض الحزن و البحر ، من لا وطن لهم ولا بيوت تفتح نوافذها لمواكب الجوع الاهثون على موائد اضمحلال الشوق ، هناك حيث حفدة الآلهة المكسورة الجناح بزينة التعب ، هناك حيث ينهض الموتى يرممون قبورهم كما يرمم المطر شهوة الأرض المشدودة كقوس أمام الماء، كان يشاهدهم ، يصرخ بهم ، سأنضم اليكم ، يوماً سآتي اليكم ..
كان كأنه ميت لحظتها ، حمل الرجال القلائل النعش ، و ضعوه في سيارة مكشوفة ..و ساروا باتجاه القرية ..
في المكان الفاصيل بين القرية و صرفند استوقفهم ضابط الشرطة سألهم : الى أين ؟
قالوا : مقبرة القرية ؟؟
قال : و أي قرية ؟ و التفت الى رجال الشرطة أمراً أن يقوموا بارجاعهم .
قاوم المشيعون ، و ساروا باتجاه المقبرة و كان الحزن و الغضب يلتهم لحم قلبهم و أجسادهم مليئة بأرواح شعب كسيح كامل ، و على مشارف المقبرة طوقهم الجنود ، قال ضابط الشرطة : كم ميت معكم ؟
قالوا : واحد …
أجاب : عودوا به .. قبل أن يصبح العدد عشرة…

 

الموضوع الأصلي : قوس أمام الماء     -||-     المصدر : منتديات حبة حب     -||-     الكاتب : سوزى



 توقيع :



رد مع اقتباس
قديم 12-07-2012, 04:04 PM   #2
نائب الاداره


الصورة الرمزية معانى الورد
معانى الورد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7
 تاريخ التسجيل :  Jul 2011
 أخر زيارة : 12-10-2021 (09:57 PM)
 المشاركات : 38,198 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~










لوني المفضل : Fuchsia
افتراضي



تسلم الايادي على جهودك
يعطيك الف عآفيه على الطرح الرائع..
لاحرمنا منك ..آبدآ..ولآمن تميزك..
بآنتظار جديدك المتميز
دمت بسعآدهـ
ولك مني أرق تحيه


 
 توقيع :


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


Rss  Rss 2.0  Html  Xml  Sitemap 


الساعة الآن 07:52 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010