ننتظر تسجيلك هـنـا

 

 

 


الإهداءات



إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 08-26-2012, 07:23 PM
\
مشرف قسم
Medo غير متواجد حالياً
Egypt     Male
لوني المفضل Darkmagenta
 رقم العضوية : 30
 تاريخ التسجيل : Sep 2011
 فترة الأقامة : 4644 يوم
 أخر زيارة : 03-01-2018 (05:21 PM)
 المشاركات : 3,985 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي لله در العاشقين .. ؟؟







كان فتى من أبناء التجار , بارع الفتوة, واسع الغنى ,قد جمعت له اللذائذ وسيقت إليه المنى , دكانه البحر تنصبُ فيه جداول الذهب , ودارة الجنة تجري من تحتها الأنهار , وفيها الحور العين , خمسون من الجواري الفاتنات اللائي حُملن إلى بغداد من أقطار الأرض وحشدن فيها , كما تحمل اإلى مخدع العروس كل وردة فاتنة في الروض وزهرة جميلة في الجبل ...

ولكنه لم يشعر بنعم الحياةومتعة العيش حتى اشترى هذه الجارية بخمسمئة دينار . وكان قد رآها في سوق الرقيق فرأى جمالا أحلى من أحلام الحب , وأجمل من بلوغ الأماني , وأطهرمن زنبقة الجبل , فهام بها هياماً , وزاد فيها حتى بلغ بها هذا الثمن . وانصرف بها إلى داره وهو يحسب أنه قد حيزت له الدنيا وأمتع بالخلود , واشتغل بها وانقطع إليها , ولم يعد يخرج إلى الدكان إلا ساعة كل يوم ثم لا يستطيع أن يصبر عنها , ويزلزله الشوق إليها , وتدركه هواجس الحب فيغار عليها , لا من الناس فما يصل الناس إليها , بل من الشمس أن تلمحها عين الشمس , ومن النسيم أن تلمسها يد النسيم ! ويشعر بهذه الغيرة المحرقة في قلبة فيهرع إليها ليطفئها بلقاها ؟ ؟؟؟


لقد صار هذا الحب مصدر لذته وسر حياته , ما كان يدري من قبله ماللذة وما الحياة , وما كان يحس أن يعيش حقاً ,ان له قلبا , وما كان يدرك من قبل بهاء النهار , ولا فتنة الليل , ولا سحر القمر , كان ذلك عند كالألفاظ بلا معنى , يفهم منه ما يفهمه الأعجمي إذا تلوت عليه غزل العرب , فلما عرف الحب أدرك أن وراء هذه الألفاظ معاني تهز الفؤاد وتستهوي القلب . وكان يمشي في طريق الحياة كما يمشي الرجل في المتحف المظلم , فطلع عليه هذا الحب نوراً مشرقا أراه هذه التحف الفاتنات وهذه الروائع .

وتتالت الأيام , وزاد إقبالاً عليها وإعراضاًَ عن الدكان . وكان يبصر دنياه تدبر عنه وتجارته تذوب في ضرم هذا الغرام كما يذوب الثلج , وتتبدد كما يتبدد الندى في وهجج الشمس , ولكنه لا يكره هذا الحب ولا ينفر منه , ولا يزداد إلا تعلقا به وتمسكا بأهدابه . وكان كل ما في الحياة من متع لا يعدل عنده لحظة واحدة من لحظات الوصال , وذهب الأرض كله لا يساوي هناءة من هناءات الحب , فكان يترك البائعين والمشترين ويسعى إليها ليشتري منها اللذاذات والقبل .

وكانت كلما نصحته وأرداته على العود إلى تجارته قال لها : مالي وللمال ؟ أنتي مالي وتجارتي ومكسبي , فلا تستطيع أن تفتح فمها بجواب لأن شفتيه تقيدان فمها فلا ينفتح !!!!

وأصبح الرجل ذات يوم فإذاالتجارة قد بارت , وباد المال , وذهب الأثاث , وبيعت الجواري , ولم يبق في يده شيء يباع فأقبل ينقض الدار ويبيع انقاضها , ولم يأس على ذاهب ولم يحس بفقد مفقود , فقد كان يلقى الحبيبة ويجد في حبها غذاءه إذا جاع , وريه إذا عطش , ودفئه إذا برد , وفي وجنتيها ما يغنيه عن الأوراد , وفي ثناياها بديلاً من اللآلئ , وفي ريقها عسله المصفى وخمره المعتق , ومن ريحها قصرا عامراً , والصحراء روضة مزهرة , والليل المظلم معها نهاراً مضيئاً ...

وأثمر الحب وجاء الحصاد , ولكنه قدخالف موعده , فلم يجيء في الربيع الطلق ولا في الصحو الجميل , بل قدم في الشتاء الكالح والأيام القاتمة الدكناء , أيام الفقر والعوز ... وأخذها المخاض فجعلت تتلوى من الألم على أرض الحجرة , وما تحتها إلا حصير تقطعت منه الخيوط , وفراض بلي وجهه وتناثر قطنه حتى اختلط بالتراب . وطال عليها الوجع وهو واقف أمامها يحس أن ألمها في ضلوعه , وأن كل صرخة منها سكين محمى يحز في قلبة , ولكنه لا يملك لها شيئا . وقالت له بعد أن عجزت عن الإحتمال : إني أموت ... فاذهب فاحتل بشيء تشتري به عسلاً ودقيقاً وشيرجاً . اذهب وعجل , فإنك إذا أبطأت لم تجدني ...

وخرج , وصار يعدو كالمجنون . أين يذهب والليل قد مالت نجومه ؟ والناس نيام في دورهم , ولا يجد من يلجأ إليه , فقد فصلة الحب عن الدنيا وصيره غريبا فيها , وليست منه ولا هو منها . وكذلك يصنع الحب !!

وجعل يهيم على وجهه حتى بلغ الجسر , جسر بغداد , وكان الليل خاشعا ساكنا والناس قد أموا بيوتهم وأنسوا بأهليهم , وهو الوحيد الشارد , لا أهل له إلا التي خلفها تعني سكرات الموت وعجز عن إسعادها , ولا دار له إلا هذه الخرب التي فر منها .

لقد كانت هذه المرأة حظه من دنياه , وها هي ذي تموت فلا يبقى له في دنياه حظ , وكانت هي نورها فلن يبقى له بعدها من نور . وتصور الوحشة المخيفة والوحدة المرعبة التيسيقدم عليها إن ولت عنه هذه المرأة التي كان يعيش بها ولها , ونظر إلى ماء دجلة يجري أسود ملتفاً ببرد الليل , فأحب أن تواريه أحشاؤه , وتراءى له الموت حلوا فيه متعة اللقاء وأنسة الإجتماع .

وعاد فذكر آلام الحبيبة وانتظارها وعجزه عن معنوتها وإسعادها , فتوجه إل الله ودعاه من قلبه صادقا مخلصاً وقال يا رب , إن استودعتك هذه المرأة وما في بطنه .... , وهم بإلقاء نفسه في الماء , وفكر في الموت فوارت صورته أحلام الحب ورؤاه , ولم يعد يرى إلا هذه الهوةالتي سيتردى فيها , وتسلق درابزين الجسر فأدركته حلاوة الروح فراح يتصور برودة الماء ويفكر الموت هل يأتيه هيناً أم هو سيذيقة العذاب ألوناً , وحاول أن يتذكر ما سمع عن الغرقى , هل يختنقون عاجلاً أم يبطئ عليهم الموت ؟ ....

وسمع : حي على الصلاة , حي على الفلاح . فرأى مجد الآخرة بالعبادة ومج الدنيا بالنجاح , وصبت القوة والعزم في أعصابة فعدل عن الموت . ورجع إلى الدار فرأى فيها نساء من نساء الجيران سمعن صوتها , فجئن إليها فسألن عنها . وكانت مغمى عليها فحسبوها ماتت . وأخبروه بموتها فلطم وجهه وشق ثوبة , وانطلق ماشيا على غير هدى تقذفة قرية فتتلقاه قرية . يضيفة الناس . وجعل يطوي الأرض حتى حطت به النوى في خراسان .

ولقي من عرفه فيها ومد إليه يده مساعدا معينا فعاد إلى تجارته وجعل يفكر ويكتب الكتب يسأل ويستنجد ويلح ويتوسل حتى كتب ستة وستين كتابا ولم يرجع إليه جواب .

وتصرمت السنون وأخذ يفكر في مآله ومآلها , عزم على العودة فقام وباع كل ما يملك بعشرين ألف دينار . واشترى قماشا وحمله في قافلة , وفي طريقة إلى بغداد خرج عليه اللصوص فنهبوا ماله كله وقتلوا من فيهم ولم يتركوا أحد ..

نهض من بين الموتى وسار على رجليه ومشى حتى حاذا النهر , وسمع صوت بوق يرعد على حاشية الأفق فلما حاذاه أشار ونادى وسأل صاحبة أن يحمله إلى بغداد وكان فيه أمير كبير . ولكن الديموقراطية كانت شعار العرب وسليقتهم . فحمله الأمير ونزع عليه من الحلل والديباج الشيء الكثير .

ثم وصل إلى بغداد وتوجه إلى بيته فلم يجده بل وجد مكانه بنياناً آخر . فقال سبحان العزيز الجبارمصرف الأكوان .

وولى ليعود فيضرب الأرض , فلم يعد له مكانا يقله أو حتى يواري عظامه فيه . والتفت فرأى بقالة كان يعرفها فسأل عن صاحبها فاخبروه بأنه ولد هذا البقال ومات أبوه منذ عشرين سنة وأن الدار لابن داية أمير المؤمنين المأمون وصاحب بيت ماله , وأن لهذا الرجل قصة عجبا , فقد كان أبوه من سراة التجار , فاشترى جارية أولع بها وعكف عليها حتى افتقر , وجاءها المخاص فذهب يطلب لها شيئا فلم يعد وأسعفها البقال أبو الفتى . ثم ولد للرشيد مولد فطلبت له المراضع فلم يقبل ثدي واحدة منهن , فدل على الجارية فقبل ثديها وصارت ظئره . ,كان المولد هو أمير المؤمنين المأمون .

ويدعه الرجل ويركض حتى وصل إلى هذا الشاب فقال له ما تبتغى ؟
فخفق قلبة وتلاحقت أنفاسه , وهملت مقلتاه . ولم يجد ما يمهد به الحديث , فقال له انا ابوك !!
ونظر الشاب شاكاً , وقال له اتبعني .
فأتبعه , فاجتاز به صحنا بعد صحن حتى انتهى به إلى مكان الحُرَم , فأقامه أمام ستارة وذهب ليسأل أمه , ودل الرجل قلبة على أن الحبيبة وراءالستارة فناداها , وإذا الستارة تهتك . والمرأة تثب إلى عنق الرجل , تبكي وتضحك , وتضحك وتبكي . وتقول ما لاتدريه ..

ويدر الشاب وجهه , فما يحسن به أن ينظر إلى أبويه وهما يجددان عهود الهوى والشباب ..

 

الموضوع الأصلي : لله در العاشقين .. ؟؟     -||-     المصدر : منتديات حبة حب     -||-     الكاتب : Medo



 توقيع :

الحب من الممكن أن يمسنا مرة واحدة
و يستمر من أجل باقي الحياة
دون أن يفارقنا حتى نموت

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


Rss  Rss 2.0  Html  Xml  Sitemap 


الساعة الآن 05:21 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010