يـا أنتِ :
هذا هو إذن عُرآة قلمِي الغزَلِي
يامن حدَّثتُها عن الأطياف العَائِمة في لُجُّ بحاري
يامن تتناثَرُ مليَّا بشَظايا الشَّوق من أعماق القَلب
و تَندَّثر مَشاعِر الرُّوحّ
مُتَدفِّقةٌ من قصى الضُلوع إلى صدر البَّوح
يُستَّشهد جَسد الاِحتياج أسفل تِكرار الَّلهفة
و يصبح الخفق جَرِيحاً من سِرِّ هذا البَّوح
س أُزِيِل روح الغِياب بِمِمحاةِ الَّليل الطَّوِيل
و اُحَلقْ عبر سماءِ قلبها العتيّ
حَتَّى يُفرغ الصَّوت من فَخَّارات البُّكاء و العوِيل
سأُسكب سوائِل البَّوح
و فيافيّ الجنون
في وعاءِ قلبها السَّخي
بنثرٍ النُّور البَّهي .
سَ أُعرَّى مُؤخِّرة الرَّأس مِن قُبَّعتِي السَّوداء
و أنفضّ أترِبة الوَّهم المُّترَبِّعة
على أكتاف مِعطفِي المُستَّفِز
و أُحرِّر أزراره من أقفالِ معتقلاته البَّلهاء
و أُطلِقُها نحو أسواق السَّحاب
بعد أن تَغسَّلت بلعاق الغربان !
سأمزِّق كُلَّ شيء كُلَّ شيءٍ
قد لا يُبالي أو يُصغي
لِخُطى أقدامها الخيلاء
سأُبدِّد الرُّؤى و أغتصب الأفكار و أجلد المفاهيم
إن تَشَحَّحُوا على أمعاء قلبها الغذاء السلِيم
و الإحتواء بالدِّفءِ الحمِيم .
قرَّرتُ أن أثقب أعوادِ القَّصب ،
رغم إعجابِي بقُدرة إستفزازِها لهجوم الرِّيح
حين تُبادِل هجُومِها و غضب مهبِّها و رِمالها
برقصةٍ بابليَّة هادِئة .
لكني سأثقبها و سآتِ من عيدانها
آلةُ النَّاي الحزين
المُبَوِّق بثقبِها الخيبات الصَّمَّاء
لتنبثِق تلك الحكايات
المُّلطَّخة بِطلآء الأنين
ليرحل صُمُّها
بثمَّة هبوبٍ مارٌ بإحدى الثُّقوب
يأخذ معها تابوت الفسق المنكوب
فمن بعد الرَّقص فوق جثث الرِّيح
تحول المَّسرح القصبي الرَّاقص
مع الريح .
إلى أُوبرا و أوكسترا لفرقة من الانين
تقُودُ إيقاعات الليل الجريح
فِي مِحرابِ عَينيكِ .. يَتشرَّد اللَّحن وَ يَتغنَّى صَوتِي
حَملتُ مَوكباً مِن السُّنونو نَحو سِنينِ أهدابكِ
وَأتَى الزَّمان رَاقِصاً فَوق صَفِيحِ المَّاء
شَغفٌ يَقتلُنِي
لأُحرِّكَ ثَغركِ المُستبَّد
وَ اشِتعالٌ يُفتلُ البَصر
لِعناقِ صَدركِ
هَل حَسمتُ سَاعتِي ؟
يا حلوتِي
ثقِي أنَّ النَّاي حين يصبح بين أنامِلي
و بين إيقاعات نَفخِ حناجِري
لن يستطِيع و لَيس في وسع رئتيّه
النَّفث بالَّلحن الجمِيل .
أمام أيُّ إمرءٍ أو سماءٍ ، بحرٍ أو مركبٍ
قمرٍ أو بدرٍ ، نيزكٍ أو نجمٍ ، غيمٍ أو مطرٍ
دونكِ و سِواكِ مثِيلٌ !
ها أنا ذا لأجلها بكامِل هوسِي
و اِرادة أمطارِي
حتَّى أُصنِع من عينيها السَاحرتين
بُلُّوراً و لؤلؤاً و مُرجان
و حتَّى أجعل هطول الهَّتان المنهمل
من بكارَةِ غيمُها الوَّردي
أمطاراً مُلوَّنة :
تُدعى شوقٌ و وَجدٌ و ألحان
مُطرَّزةٌ بأنجُم الدِّفء والوجدان
رُغمَ أنَّنِي إمتلكتُ من قلبها
_ السُّلطان _
أجدنِي خلفَ فلول شعرها الأسود
أفقر سجيناً من بين سجناء الزَّمان
بتهمة الودق و الصرع
أمام ما تلبس من العِنب و أزهار الرُّمان
سوار حِماها ذاك الطوقُ الذَّهبي
و لمعة الُّلؤلُؤ المطرّز
بحوافِ الفستان
لا تُصاحِب إنساً أو طَيراً فهبي تخشى عليهم المَّصاب
عند اشتعال غيرة ذكور الجَّان ّ
فِي خيالها إختال الخيال
حين تقلِب مرءآة الوَّهم نحوها ،
يصحو النَّحل و مِن مسامِ رأسها
يَمتَصُّ عسل الأُفق المُحتال
بأكذوبة الخيال
في خيالها
ينابيعاً ممتلئةً بالهواء ..!
يَهبط نحوهُا الطَّيور و المَّاء
و يرتشفوا من العين و الهاء
لا يُطمئنوا بنظافتها
وَ تلك الغزالة الشَّقراء تُمُشِّط العُشبِ المُتوَهِّم بأسنانِها
حيث تطمَئِنُّ الطيور الصَّغيرة فوق ظهرها منطربةً ، حيث
لا يغفَل خيالها عَن ذَلك النَّورس اليَومِي عَلى بِساطِ السَّماء
حَيثُ الدَّرويش يُلقِي حُروفه فِي عُمرِ الحَسناوات
أجدني سَّجِينا خلف أسياج الغضب
المتطايرة من قمم صهوة _ البُّركان _ .
حين لا أجد لفتنةٍ من مفاتنها
دليلاً أو ادراكاً أو برهان
سأتحرَّر من عبوديَّة عقلي المحتدم
و من قيوده الحمقاء
لأكُونَ أسيراً وحيداً لأجلها بدون _ سجَّان _
طائراً حُـرَّاً لا يفقه مهام _ القُضبان _
سأتَجوَّل حول قواميس فتنها
و أُبحِر بِزوّرق العَطَش
و أجذِّف في موج الُّلعاب
المُّشاكس
ما بين مدٍّ و سُكر !
حتَّى أصل لشاطئ جزِيرة ثغركِ الصَّغير
وَ حتَّى يَقلبنِي زَورقِي من عليه
حينها سأبتهج فرحاً
و أنا راضِياً مُرتَضِيَّاً بالرَّضى!
و كيف بذلك لا أرتَضِي ؟
حين أصل بغرقي لحُمرةِ الوجنَتان
و حين يشهدُ لي التَّاريخ : انني
إحدى شُهداء كشفِ الحضارة
في الأعقادِ السَّالفة وهذا _ الأوآن _
فما هي سِوى سِحري و خطِيئتِي
وقلبها مصدراً _ للذَّهب _ واليَّاقُوت
_ و صَفائِح المُّرجان _
يَخُرُّ مِن قَلبِي جَمالُ رَبِيعكِ
يَنضجُ غُصنٌ بالحَدِيثِ عن وَجهكِ
أُعانقُ طَيفكِ وَ أُوافِقُ جَبِينكِ
بَين لَحظَاتِ النَّدى وَ المَدى
وَ إِن شَهقتُ شَهقتكِ
لِحدثَ نَوعاً مِن الجَاذبِيَّة العَظِيمة
رُبَّما يَنمُو الزَّهر الأبَيض
أُطلقُ عَليهِ اسمكِ
فَهل لِي بُقبلةٍ مِن شَفتيكِ ؟