#1
|
||||||||||
|
||||||||||
الوهم .. !
كان الوقت مبكرًا جدًا.. نسمة صباحية باردة, تؤذي العينين وتخترق اللحم لتستقر في العظام ..
معذل كطمع فيأن يستغلالهدوءالصباح يالمفترض,لانجازماأمكن من مراجعةأوراق كثيرةتراكم تعلى طاولته.. أحسبوخزةألم فيأسف لظهره, ربمابفعلا لجل وسالم تواصل على المقعد.. بينماراحتالضوضاءتنتشرفيالخارج, فخ مّن أنا لناس قد بدأوا يستفيقون من موتهم ليعودواإلى الدنيا .. رفع رأسه لينظرفيالساعةالمعلقة قبالته على الحائط, فصعق .. كانت تقف بالضبط أمامه .. بينه وبين الزمن تمامًا.. كيف ومتى تسللت إلى مكتبه, دون أن يشعرحتى بوقع قدميها..؟! أغمض جفنيه مدهوشًا , ثم فتحهما.. أعادالعمليةعدةمرات كأنه يحرّض عينيه على التركيز.. لم يفكرفي محاولةالنهوض للوقوف على قدميه.. كان الموقف من الشدةبحيث لاتحمله ساقان.. ظلت هي واقفة كجذع شجرة .. لكنهاقدّرت,كمايبدو , انه محتاج للحظةأكبرمن الزمن ذاته, ليستجمع كل قدرات وعيه, كي يمتص هول المفاجأة .. نزعت عن عينيهانظارات سوداء, من ذلك النوع الذي يقتنونه خصيصًا للتمكن من إستباحة وجوه الآخرين بحرية, دون أن يكتشفهم احد.. فبانت ملامح وجههاأكثرجمودًا.. لم تكن هي هي .. كانت تشبهه اشبه الجدة بالحفيدة .. ! أصابه هذاالشبه بشرودشديد..ارتخت أجفانه كمن أغمي عليه.. منذثلاث وعشرين سنه وشهرين.. وقف أمامهاعندالبوابةالحديديةالصدئة.. يضع كفيه في جيوب سرواله ويضغط بقوة, كمن يخشى على أعصابه من التمزق, لانشدادهاإلى حدجارح .. كان رأسه يتدلى فتتراءى له, بين قدميه, هاوية سحيقة تفغرفاها لتبتلع جميع أحلامه.. يحاول رفع رأسه فيجده بثقلالموتأوأثقل .. تحدق عيناه في الأفق,فلايرى غيرمدى لاحد له من الضياع.. ببساطه, لقدوضعته على حافةالدنيا.. تمامًاعندالخط الدقيق الفاصل بين الوجودوبين الفناء .. حاولأن يقول شيئًا, لكن الجفاف فيحلقه كان يخزأوتارهالصوتية بقسوةالشوك.. نسي اللغات تمامًا.. وجمدت على شفتيه حروف الأبجدية.. كان يريدأن يقول لهاأنه اتغرس خنجرًافي قلب قلبه, لكنه لم يفعل.. لأنه يعرف نفسه جيدًا, ويدرك انه بمجردأن ينطق بكلمة, سيجهش لامحالة, بالبكاء.. نظرفيعينيهابتوسل يمس الكرامة.. لكنها , وعلى وجههاابتسامة بلهاء, من ذلك النوعالذي يتخطى جميع الحواجزليستقرفي الروح, فيشققها, واصلت العبث بسلسلة من النوع الرخيص في عنقها, دون أن يبدوعليها أي اكتراث لانهيارعوالمه.. لم تقل شيئًا, أوأنهاقالت لكنه هوالذي لم يسمع.. كان المغيب يلقي ظلاله على الوادي القريب .. مجموعات من العصافيرالصغيرةتسرعن حوشجرةسنديان كبيرة.. كان الكون كله يأوي إلىبيته..هوالوحيدالذي كان يُطردمنه.. لايذكركم من الوقت مرعليه مسمرًافي مكانه, ولاكيف عاد, أوأعيد, إلى البيت, ليلازم سريره ثلاثة شهورمتواصلة.. منذ ذلك الحين, لم يسمع عنها شيئًا سوى أنه ازفت, خلال فترةرقاده في المرض, إلى رجل آخر, سافرت معه بعدالزفاف مباشرة, إلى إحدى الدول.. سمع بعدها, بالصدفةالمحضة, أنهاأنجبت منه عدة بنات .. فتح عينيه كمن يستفيق من غيبوبة.. لكنهاكانت قداختفت.. خرجت, كمادخلت, دون أن يشعرحتى بوقع قدميها..
آخر تعديل Medo يوم
11-10-2012 في 10:13 AM.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|